للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ: إِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ (قَالَ مُسْلِمٌ) أَبُو الْعَبَّاسِ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ثِقَةٌ عَدْلٌ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاسِ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ

عَمْرٍو إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَهَكَتْ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ صَوْمُ الشَّهْرِ كُلِّهِ، قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ: «وَنَفِهَتِ النَّفْسُ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ، وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ قُلْتُ: إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنَاكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، لِعَيْنِكَ حَقٌّ، وَلِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلِأَهْلِكَ حَقٌّ، قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ».


= (٣/ ١٩٣) رجاله رجال الصحيح. قال الحافظ: ظاهره أنها تضيق عليه حصرًا له فيها، لتشديده على نفسه وحمله عليها، ورغبته عن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضى الوعيد الشديد، فيكون حرامًا. ويدل له ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي عمرو الشيباني قال: بلغ عمر أن رجلًا يصوم الدهر، فأتاه فعلاه بالدرة، وجعل يقول: كل يا دهري، وكذلك ما رواه أيضًا ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق أن عبد الرحمن بن أبي نعيم كان يصوم الدهر، فقال عمرو بن ميمون: لو رأى هذا أصحاب محمد لرجموه. وروى الطبراني عن عمرو بن سلمة قال: سئل ابن مسعود عن صوم الدهر فكرهه. فكل هذه الأحاديث والآثار تدل على كراهة صوم الدهر أو تحريمه، وإليه ذهب إسحاق وأهل الظاهر، وهي رواية عن أحمد، وبه يقول الحنفية، وابن العربي من المالكية، وابن قدامة وابن القيم وغيرهم. والعجيب أن الجمهور مالكًا والشَّافعيّ وأحمد في رواية ذهبوا إلى جواز صوم الدهر بل إلى استحبابه باستثناء أيام الفطر والأضحى والتشريق، واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو عند المصنف أنه قال: يا رسول الله إني أسرد الصوم، أفأصوم في السفر، فقال: إن شئت فصم. قالوا: قد أقره - صلى الله عليه وسلم - على سرد الصيام، ولو كان مكروهًا لم يقره. ورد على هذا بأن سرد الصوم لا يستلزم صوم الدهر، لأن التتابع يصدق بدون صوم الدهر، وقد أخرج أحمد من حديث أسامة بن زيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسرد الصوم، مع ما ثبت أنه لم يصم الدهر بل لم يصم شهرًا كاملًا إلا رمضان. وأجاب الجمهور عن حديث عبد الله بن عمرو بأنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقًّا، لأن عبد الله بن عمرو عجز في آخر عمره، وندم على كونه لم يقبل الرخصة. ويرد عليه ما سبق من حديث أبي موسى، ومن حديث أنس: "من رغب عن سنتي فليس مني" وما سبق من قوله عليه السلام: "لا أفضل من ذلك" وبقوله: "لا صام ولا أفطر" وبقوله: "لا صام من صام الأبد" المروي عن غير واحد من الصحابة سوى عبد الله بن عمرو، فإن ذلك كله يدل على أن هذا الحكم ليس خاصًّا بابن عمرو، بل هو عام لجميع المسلمين.
١٨٧ - قوله: (هجمت له العين) أي غارت ودخلت في موضعها، ومنه الهجوم على القوم: الدخول عليهم، كذا في النهاية (ونهكت) بصيغة المؤنث أي ضعفت عن البصر، وضبط بصيغة الخطاب مبنيًّا للمفعول، أي ضعفت أنت وهزلت.
( ... ) قوله: (نفهت النفس) بفتح النون وكسر الفاء، أي أعيت وكلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>