للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كُلُّهُمْ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَلَا الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا، حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ».


= وكان السؤال بالمدينة في المسجد النبوي (لا تلبسوا ... إلخ) سئل عما يلبس، فأجاب بما لا يلبس، على أسلوب الحكيم، لأنه أخصر وأحصر، إذ معناه لا يلبس المذكورات، ويلبس ما عداها (القميص) وفي نسخة: القمص جمع قميص، نبه به وبالسراويلات على جميع ما في معناهما، وهو ما كان معمولًا على قدر البدن أو قدر عضو منه، بحيث يحيط به، بخياطة أو تلزيق بعضه ببعض، أو عقده أو نسجه أو غيرها. وذلك مثل الجبة والقميص والصدرية والقباء والتبان والفنيلة والقفاز وأمثالها. وقد اصطلح الفقهاء على التعبير عن هذا بالمخيط. وليس المراد به إلا ما كان على قدر الإنسان أو عضو منه، فإن أحرم المحرم في إزار أو رداء مخيط، وصل بالخياطة لقصره أو ضيقه، أو خيط لوجود الشق فيه فهو جائز لا يدخل في هذا النهي (ولا العمائم) جمع عمامة بالكسر، نبه به على كل ساتر للرأس مخيطًا كان أو غير مخيط حتى العصابة (ولا السراويلات) جمع سراويل، وهو واحد بلفظ الجمع. وقيل: واحده سروالة، وهو ثوب خاص بالنصف الأسفل من البدن، (ولا البرانس) بكسر النون جمع "برنس" بضم فسكون فضم. وهو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دراعة كانت أو جبة أو ممطرًا (بكسر فسكون ففتح: ما يلبس في المطر يتوقى به] ذكر البرنس بعد العمامة ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بغير المعتاد (ولا الخفاف) بالكسر جمع خف. قال النووي: نبه - صلى الله عليه وسلم - بالخفاف على كل ساتر للرِّجل من مداس وجمجم وجورب وغيرها (وليقطعهما أسفل من الكعبين) وفي الحديث الآتي: حتى يكونا أسفل من الكعبين، فالمراد قطعهما بحيث يصير الكعبان وما فوقهما من الساق مكشوفًا، لا قطع موضع الكعبين فقط. والكعبان: العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، واستدل بالحديث على أن لبس الخفين مشروط بالقطع. وبه قال الجمهور مالك والشَّافعيّ وأبو حنيفة، وعن أحمد يجوز لبسهما من غير قطع. واستدل الحنابلة عليه بإطلاق حديث ابن عباس عند البخاري بلفظ: "ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين" ولم يأمر بقطعهما. ومثله حديث جابر عند مسلم. قالوا: حديث ابن عمر متقدم، إذ كان بالمدينة، وحديث ابن عباس متأخر إذ كان بعرفة، فعلم أن الأمر بالقطع منسوخ، إذ لو كان واجبًا لبينه بعرفة للجم الغفير الذي لم يحضر بالمدينة؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وأجيب بأن الأمر بالقطع موجود في حديث ابن عباس عند النسائي في سننه بسند صحيح، وكذا في حديث جابر عند الطبراني في الأوسط بإسناد حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٢١٩) فاتفقت الأحاديث كلها في الأمر بالقطع، ولا يصح دعوى النسخ (مسه) أي صبغه ولو قليلًا، ففيه دليل على تحريم لبس ما صبغ بالطيب أو ما يشبه الطيب سواء صبغ كله أو بعضه إلا أن يزول الطيب بالغسل (ولا الورس) بفتح الواو وسكون الراء: نبات أصفر كالسمسم، طيب الرِّيح، يصبغ به، يكون باليمن =

<<  <  ج: ص:  >  >>