للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ أَوْ قَالَ أَثَرَ الْخَلُوقِ وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكَ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَأَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ - يَعْنِي جُبَّةً - وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيَّ هَذَا، وَأَنَا مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ؟ قَالَ: أَنْزِعُ عَنِّي هَذِهِ الثِّيَابَ، وَأَغْسِلُ عَنِّي هَذَا الْخَلُوقَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ، فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ، «أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَيْتَنِي أَرَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ، مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ


= الرجل متضمخًا أي متلطخًا بالخلوق، مصفرًّا لحيته ورأسه به، كما في الأحاديث الآتية، والخلوق بفتح الخاء، نوع من الطيب يجعل فيه الزعفران (قال: فقال) القائل هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان يعلى قد ذكر له تمنيه لرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - حالة نزول الوحي (فرفع عمر طرف الثوب) الذي كان أظل به لستره - صلى الله عليه وسلم - (له غطيط) هو ما يكون كصوت النائم الذي يردد صوته مع نفسه، ويعبر عنه بالنفخ (كغطيط البكر) بفتح الباء: الفتى من الإبل، وكأنه أراد رحله الجديد (فلما سري عنه) بضم السين وتشديد الراء بالبناء للمفعول، أي أزيل عنه وكشف ما كان به من كيفية نزول الوحي (واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك) يبين المراد به ما ورد في الرواية التالية قال "ما كنت صانعًا في حجك؟ قال: أنزع عني هذه الثياب ... إلخ، فليس المقصود به تشبيه العمرة بالحج في كل الأفعال، وإنما المقصود به التشبية في الامتناع عن الطيب ولبس المخيط، وكأنهم لم يكونوا يهتمون في الجاهلية بالإحرام للعمرة بمثل ماكانوا يهتمون به للحج، واستدل بالحديث على منع استدامة الطيب بعد الإحرام، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بغسل أثره من الثوب والبدن، وإليه ذهب مالك، وخالفه الجمهور، فقالوا باستحباب الطيب عند الإحرام، وبجواز استدامته بعد الإحرام، واستدلوا بحديث عائشة المتفق عليه: قالت: "كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك، كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم". زاد النسائي وابن ماجه وابن حبان "بعد ثلاث". وأجابوا عن حديث يعلى بأنه متقدم، وإنما يؤخذ من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالآخر فالآخر، وأجابوا عنه أيضًا بأن المأمور فيه بغسله إنما هو الخلوق، لا مطلق الطيب، فلعل علة الأمر ما خالطه من الزعفران، وقد ثبت النهي عن تزعفر الرجل مطلقًا محرمًا وغير محرم، وتقدم في حديث ابن عمر: ولا تلبسوا - أي حال الإحرام - من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس، وقد جاء مصرحًا به في الحديث في مسند أحمد (٤/ ٢٢٤) والطحاوي (ص ٣٦٤) قال له: "اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران". واستدل بالحديث على أن المحرم إذا صار عليه مخيط نزعه ولا يلزمه تمزيقه ولا شقه، وأنَّه إذا نزعه من رأسه لم يلزمه دم، وهو مذهب الجمهور، ويؤيده أنه وقع عند أبي داود بلفظ: اخلع عنك الجبة، فخلعها من قبل رأسه.
٧ - قوله: (وعليه مقطعات) من التقطيع، هي الثياب التي قطعت على قدر البدن وخيطت، وقد أوضح أن المراد بها هنا الجبة (وهو متضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين، أي متلوث ومتلطخ.
٨ - قوله: (محمر الوجه يغط) بكسر الغين أي يردد صوت تنفسه مثل ما ينفخ النائم، وسبب ذلك شدة الوحي وثقله. قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥] (فاغسله ثلاث مرات) وفي رواية أبي داود والبيهقي: أمره أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>