للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا»، يُرِيدُ الْمَدِينَةَ.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، «أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ

الْحَكَمِ خَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا، وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ وَأَهْلَهَا، وَحُرْمَتَهَا، فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ، وَأَهْلَهَا، وَحُرْمَتَهَا وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ» ..

(١٣٦٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ كِلَاهُمَا، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا».

(١٣٦٣) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا، وَقَالَ: الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، لَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَ اللهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلَا يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا، أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».


= الحجارة السود كأنها أحرقت بالنار، والمدينة بين حرتين: حرة في جهة الشرق، وتسمى بحرة واقم، وحرة في جهة الغرب وتسمى بحرة الوبرة، وتعرفان عند العامة بالحرة الشرقية والغربية، ففي هذا الحديث تحديد لحرم المدينة من جهتي الشرق والغرب. وقد دل الدليل على أن معظم الحرتين داخلتان في حرم المدينة.
٤٥٧ - قوله: (وذلك عندنا في أديم خولاني) أي إن تحريم المدينة مكتوب عندنا في أديم، وهو الجلد المدبوغ، خولاني، من صنع خولان، وهي كورة من كور اليمن. وأيضًا قرية كانت بقرب دمشق، وخربت، وإليها ينسب أبو مسلم الخولاني. يريد بذكر ذلك قوة ضبط تحريم المدينة، وما جرى له من الاهتمام البالغ، إذ لم يقتصر على البيان الشفهي، بل استكتبه في الجلد.
٤٥٨ - قوله: (لا يقطع عضاهها) بكسر العين المهملة، وهي كل شجر عظيم له شوك كالطلح والعوسج، واحدها عضاهة وعضهة وعضه وعضة بحذف الهاء الأصلية كما يحذف من الشفة (ولا يصاد صيدها) ذهب أكثر أهل العلم إلى تحريم صيد المدينة وقطع شجرها، وأن من فعل شيئًا مما حرم عليه: فيها أثم، ولا جزاء عليه. وقال جماعة: عليه الجزاء وهو كما في حرم مكة. وقيل: الجزاء في المدينة أخذ السلب [المذكور في حديث سعد برقم ٤٦١] وقال أبو حنيفة: لا يحرم صيد المدينة ولا قطع شجرها. وهذا الحديث وما شابهه يرد عليه.
٤٥٩ - قوله: (المدينة خير لهم) قال ذلك في ناس يتركون المدينة إلى بعض بلاد الرخاء كالشام وغيره، كما سيجيء، وهؤلاء الناس هم المرادون بضمير "لهم"، أي المدينة خير لأولئك التاركين لها من تلك البلاد التي ينتقلون إليها، ويتركون المدينة لأجلها. فلا دليل في الحديث على تفضيل المدينة على مكة، كما لا يخفى (لا يدعها) أي لا يتركها (رغبة عنها) أي معرضًا عنها ومستاء لها، فالذي خرج عنها لضرورة أو شدة زمان أو فتنة فليس بمراد في هذا الحديث (لأوائها) أي شدة جوعها (وجهدها) بفتح الجيم وقد تضم، أي مشقتها مما يجد فيه من شدة الحر وكربة =

<<  <  ج: ص:  >  >>