٤٦٠ - قوله: (إلا أذابه الله في النار) هذا يفيد أنه يعذبه في الآخرة، وقد ورد عدة أحاديث تفيد تعذيبه مطلقًا، أي من غير قيد في الدنيا أو الآخرة، والأغلب أنه يعذبه في الدنيا والآخرة كلتيهما، يعني من أرادها في الدنيا بسوء فلا يمهله الله، ولا يمكن له سلطانا، بل يذهبه عن قرب، كما انقضى شأن من حاربها أيام بني معاوية مثل مسلم بن عقبة، فإنه عوجل عن قرب، فأهلك في منصرفه من المدينة، ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله على إثر ذلك وغيرهما ممن صنع صنيعهما. قاله القاضي عياض على سبيل الاحتمال في معنى الحديث. ٤٦١ - قوله: (ركب إلى قصره بالعقيق) أي بوادي العقيق في غرب المدينة (أو يخبط) وفي نسخة: (يخبطه) من الخبط، وهو إسقاط ورق الشجر بعصا ونحوها (فسلبه) أي أخذ ما كان عليه من اللباس ونحوه سوى ما يستر العورة، وذلك زجرًا له عن معاودة هذا الفعل (فلما رجع سعد) أي إلى المدينة (نفلنيه) بتشديد الفاء، أي جعله لي نفَلًا - بالتحريك - أو أعطانيه نفلًا، أي غنيمة، وذلك بإذنه لكل من رأى صائدًا أو قاطع شجر أن يأخذ سلبه. قال النووي: هذا الحديث صريح في الدلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجماهير في تحريم صيد المدينة وشجرها، كما سبق، وخالف فيه أبو حنيفة - كما قدمناه عنه - وقد ذكر مسلم في صحيحه تحريمها مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة وعبد الله بن عبيد ورافع بن خديج وسهل بن حنيف، وذكر غيره من رواية غيرهم أيضًا فلا يلتفت إلى من خالف هذه الأحاديث الصحيحة المستفيضة، وفي هذا الحديث دلالة لقول الشافعي القديم أن من صاد في حرم المدينة أو قطع من شجرها أخذ سلبه، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. قال القاضي عياض: ولم يقل يه أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم، وخالفه أئمة الأمصار. قلت - قائله النووي - ولا تضر مخالفتهم إذا كانت السنة معه. وهذا القول القديم هو المختار، لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وفقه، ولم يثبت له دافع. . . إلخ اهـ. ٤٦٢ - قوله: (وقال في الحديث: ثم أقبل) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر إلى المدينة. هذا الذي يقتضيه سياق هذا الحديث في صحيح البخاري وغيره (هذا جبل يحبنا) حبًّا حقيقيًّا مثل ما يحب أهل الحياة والشعور، إذ لا مانع من =