للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا.

(١٣٦٦) وَحَدَّثَنَاهُ حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: «قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: هَذِهِ شَدِيدَةٌ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا». قَالَ: فَقَالَ: ابْنُ أَنَسٍ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا.

(١٣٦٧) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسًا أَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».


= ذلك عند الله، وقد خلق الله حب رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الجذع الذي كاد يتكىء عليه عند الحطبة، حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - حين تركه إلى المنبر كان يئن من فراقه مثل أنين الصبي، وقد ثبت علميا وجود الحب في الناميات مثل الشجر والزرع فما المانع من وجود الحب في الجمادات (ونحبه) نحن المسلمين. وحب الإنسان للجمادات معروف لا غرابة فيه. ومن حب المسلمين لجبل أحد أنه قلما يأتي رجل من المسلمين إلى المدينة إلا ويزور جبل أحد، ليست المقابر فقط، بل معظم ما يوجد فيه من الآثار (فلما أشرف على المدينة) أي اطلع عليها بحيث رأى بيوتها ومساكنها (أحرم ما بين جبليها) الظاهر أن المراد بالجبلين جبل أحد في الشمال، وجبل غير في الجنوب. فهذا تحديد لحرم المدينة من جهة الشمال والجنوب، وما ورد من قوله: "ما بين لابتيها" فهو تحديد لحرم المدينة من جهة الشرق والغرب.
٤٦٣ - قوله: (فمن أحدث فيها) أي أظهر (حدثا) بفتحتين أي منكرًا أو بدعة، سواء كان هذا المنكر من حيث العادة والعرف، مثل الفتنة والخصام والجناية، أو من حيث الشرع، مثل البدع والفواحش وآلاتها من الدشوش والتليفزيونات (صرفًا ولا عدلًا) كلاهما بفتح الأول وسكون الثاني، والصرف: الفريضة، والعدل: النافلة. وقيل: بالعكس. وقيل: الصرف: التوبة، والعدل: الفدية (أو آوى محدثا) أي ضم مبتدعًا أو جانيا وحماه ومكنه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه. هذا إذا قرىء قوله: "محدثًا" بكسر الدال. وقد قرىء بفتح الدال، وهو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي ببدعته وأقر فاعله عليها ولم ينكرها فقد آواه.
٤٦٤ - قوله: (لا يختلى) بصيغة المجهول من الاختلاء، أي لا يجز ولا يقطع (خلاها) بالفتح مقصورًا: الرطب من الكلأ والنبات، فإذا يبس فهو حشيش وهشيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>