المنطق فتناهى في اختصاره وأوفى على جميع فوائده حتى لم يفته شيء من ألفاظه وكان ذلك قبل أن يستكمل سبع عشرة سنة.
ونظم الوزير إسماعيل بن حبيب النظم الفاتق والنثر الرائق قال في. . .: وأبو جعفر بن الأبار هو الذي صقل مرآته، وأقام قناته، وأطلعه شهاباً ثاقباً، يرسلك به إلى فنون الآداب طريقاً لا حباً، وله كتاب سماه بالبديع في فصل الربيع جمع فيه أشعار أهل الأندلس خاصة أعرب فيه عن أدب غزير، وحظ من الأدب موفور، وتوفي وهو ابن اثنين وعشرين سنة واستوزره داهية الفتنة ورحى المحنة قاضي اشبيلية عباد جد المعتمد ولم يزل يصغي إلى مقاله ويرضى بفعاله وهو ما جاوز العشرين إذ ذاك وأكثر نظمه ونثره في الأزاهر وذلك يدل على رقة نفسه.
هذا ومن يستقر التاريخ يجد أمثلة كثيرة للنوابغ قبل السن الذي ضربه الكاتب الفرنسي على أن النفع إذا لم يحصل ممن بلغ الرشد فأحر به أن لا يحصل أصلاً وحصول النفع الحقيقي من ثمرات أعمال الكاتب قد لا يكون في الثلاثين ولا في الأربعين من عمره ولذلك قيل
إذا بلغ الفتى عشرين عاماً ... ولم يفخر فليس له افتخار