المؤلفات كالأشخاص منها ما يخادنه السعد فيشتهر وتتداوله الأيدي الجيل وبع الجيل والقرن بعد الآخر ومنها ما ينسى ولا يظهر ومنها ما بينَ بين. وكتاب معجم ما استعجم لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن أبي مصعب البكري الوزير هو من الطكتب التي عزت قبل الطباعة وبعدها لقلة ما استنسخ منها فيلا عصر مؤلفها وبعده في الغالب حتى أن ياقوتاً الرومي في معجم البلدان قال أن لأبي عبيد كتاب المسالك والممالك (ولعله مطبوع) وكتاب معجم ما استعجم من أسماء البقاع ولم أره بعد البحث عنه والتطلب له. ولكن ما عز عَلَى المتقدم تهيأ للمتأخر فإن إبراهيم الجنيني من أهل دمشق أكمل نسخ هذا الكتاب الممتع سنة ١١٠٠ في دمشق وكان أكمل الجزء الثاني سنة ١٠٩٥ إذ لم يجد الأول ثم بلغه أن في مكة منه عند الشيخ حسن بن العجيمي وبعد ثلاث سنين أرسل له هذا أنه جءا مع رجل نسخة من مصر فنسخها وبعثها لصاحبه الدمشقي فأكمل نسخته وهذه النسخة بعينها هي التي نقلت من جملة ألوف كتب العلم في دمشق عاصمة الشام وعمرت بها مكاتب ألمانيا منذ منتصف القرن الماضي إذ كان القوم هنا لا يحرصون عَلَى غير الدينيات واللسانيات من الأسفار.
ولقد قيض الله لنشر هذا المصنف البديع عالماً من علماء المشرقيات من الألمان الأستاذ وستنفليد شيخ اللغة العربية في عصره المتوفى سنة ١٨٩٩ فنشره كما نشر معجم البلدان لياقوت ونشر نحو مائتي كتاب من كتب المسلمين في التاريخ والجغرافيا والنسب وغيرها مثل طبقات الحفاظ للذهبي والاشتقاق لابن دريد وسيرة ابن هشام والأنساب للسمعاني والمشترك وضعاً والمختلف صقعاً لياقوت وعجائب المخلوقات وآثار البلاد للقزويني ووفيات الأعيان لابن خلكان فاستحق شكر الأمة العربية بل الآداب العربية كما استحق ذلك الأستاذ دي كوي الهولاندي الذي طبع ثمانية تآليف في الجغرافيا لأئمة هذا الشأن من الأقدمين وسماها المكتبة الجغرافية العربية.
وأبو عبيد البكري هم كما قال ابن مكتوم عبد الله بن عبد العزيز محمد البكري من أهل شلطيش سكن قرطبة يكنى أبا عبيد روى عن أبي مروان بن حيان أبي بكر المصحفي وأبي العباس العذري سمع منه بالمرية وأجاز له عمر بن عبد البر الحافظ وكان غيرهم من أهل اللغة والآداب الواسعة والمعرفة بمعاني الشعر والغريب والأنساب والأخبار متقناً لما