للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنا والشّلال

قالت: عهدتك لا تهاب مُلمّةً ... ما لي أراك جزعت من شلاّلِ

ولّيت عنه وكنت تعشق قربه ... ولربّما ولّى المحِبُّ السّالي

يا نفس حسبك أن ترومي والهاً ... بها والطبيعة دائم البلبالِ

إني لأعشق كلّ غصنٍ يلتوي ... وأحنّ من طرب السلسالِ

يهتاجني العصفور وهو مصوِّتٌ ... يدعو ذويه إلى ارتشاف الزّلالِ

ويروقني الجبل الرَّفيع كأنّما ... هو طامعٌ من جوّه بنوالِ

إني لَيَشغفني هوىً وصبابةً ... نبتٌ بجانب جدولٍ سيّالًِ

عبثت به أيدي النّسيم فأوّدت ... أعطافه فاهتزّ غير مبالِ

ويروقني الشّلاّل منحدراً هوى ... نحو البسيطة من أشمٍّ عالٍ

يغلي كأنّ النار بين ضلوعه ... ويثور مندفعاً إلى الأدغال

شابت غدائره فأرسلها على ... وجه الرّمال وهمّ بالإعوال

ولقد دنوت مقبِّلاً قطراته ... فرميت من قطراته بنبالي

شلاّلٌ ويحك أنت مثلي في الهوى ... أو لم تُشبكِ قوارع الأهوال

وعلامَ تدفعني وأنت معربدٌ ... خفّف عليك فأنت من أمثالي

أشكو وتشكو الحادثات وإنّما ... هي علّة الإدبار والإقبال

تابعتُ في القمم المسير فلم يرُق ... للنّائبات سراكِ في الأجبال

واليت خطوَكِ هادئاً فتمثّلت ... لكِ في السّبيل فعدت غير موالِ

صدّتكَ عن حيث ابتغيتَ عوائقٌ ... حاولن بي صدّاً عن الآمالِ

فهوَيتَ من علٍ هائجاً، ولبثتُ لا ... متململاً، والكارثات حيالي

هلاّ صبّرتَ كما صبّرتُ فإنّه ... بالصّبر يُدفع فاجئ الأجوالِ

(الزِّركلي)