إلى جنوبي حلب على بعد ثماني عشرة ساعة عنها بلدة معتدلة الهواء قديمة عرفها الرومانيون باسم (خالس) ثم لقبت لعدهم بذات القصور وهي اليوم قضاء من أعمال حلب يعرف بقضاء معرة النعمان نسبة إلى المعرة قصبة ولفظة المعرة سريانية بمعنى المغارة وليست في شيء من التفاسير التي عددها ياقوت الحموي في معجم البلدان ولقد زعم بعض المؤرخين أنها سميت بمعرة النعمان نسبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري عامل حمص الذي مر بها فمات له ولد دفنه فيها فنسبت إليه وقد توفي النعمان سنة ٦٥ هـ (٦٨٤م). وعندي أن رأي ياقوت فغي معجمه أقرب إلى الصحة وهو أنها نسبت إلى أحد أجداد المعري وهو النعمان الملقب بالساطع ابن عدي بن غطفان بن عمرو بن بريح بن خزيمة بن تيم الله بن تنوخ بن أسد بن دبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
فتنوخ إحدى القبائل الثلاث التي هي نصارى العرب وهم بهراء وتنوخ وتغلب اجتمعت هذه القبائل مع غيرها في البحرين وتحالفوا على التناصر وأقاموا هناك فسموا تنوخاً وتنوخ بمعنى الإقامة فتكون تنوخ حياً من بني قضاعة من عرب اليمن (وقيل من الأزد) خرجوا من مدينة مأرب إلى البحرين عند سيل العرم ثم تفرقوا في نواحي العراق والشام ونزل منهم النعمان زعيم قبيلته بالمعرة فنسبت إليه وهو أوجه الأقوال وأمثلها.
فمعرة النعمان كانت حصينة منيعة فتحها المسلمون في صدر الإسلام ثم استولى عليها الإفرنج الصليبيون سنة ٤٩٢هـ (١٠٩٨م) وأعادها المسلمون إلى أيديهم سنة ٥٢٩هـ (١١٣٤م) وزارها ابن بطوطة وابن جبير وغيرهما من السياح وقالا أنها كانت لعدها من أخصب بلاد الله وأكثرها أرزاقاً وبساتينها ممتدة إلى مسافة يومين وفيها الزيتون والتين والفستق وأنواع الفواكه.
ولا شان لفستقها اليوم ولكن فيها الزيتون والتين الزبيب والعسل وأنواع الحبوب والقطن وفيها صناعة النسيج والدباغة. وتوجد قرى كثيرة باسمها منها معرة مصرين قرب حلب ومعرة باش من قضاء النبك في جبل القلمون ومعرة صيدنايا من أعمال دومة وغيرها. وإلى المعرة ينسب كثير من العلماء أشهرهم أبو العلاء هذا وكذلك كانت موطن اسر