القانون الأساسي أعظم أسباب نجاح الولايات المتحدة وقد جاء فيه أن الولايات المتحدة ليس لها دين رسمي وأن الأديان كلها سواء في نظر الحكومة. ولهذا ترى الحكومة لا تنفق درهماً واحداً على معهد ديني وأهل كل دين يبنون معابدهم من مالهم لأنفسهم والمدارس خالية من التعاليم الدينية فيأتي المهاجرون إلى أمريكا بالألوف من جميع العناصر والنحل ولا يعدون أنفسهم غرباء بل يرسلون أولادهم إلى هذه المدارس يتخرجون فيها على النحو الذي ينشأ عليه أولاد الأمريكان الأصليين. وقد كتبت إليك سابقاً أن هذه المدارس حرة مجانية إجبارية للذكور والإناث.
هذه المدارس لا تعنى بالتعليم العقلي فقط بل تصرف وكدها إلى تعليم أمور تعود بالمنافع الجسمية. فتعلم التلاميذ أصول اللبس والمشي لئلا يعتادونهما على غير الصورة المناسبة كما تعلم الطبخ وتدبير المنزل. والمدنية بهذه المدارس منتشرة بين أهل الحواضر والقرى على نمط واحد. وأعظم فرق بين مدارس أوروبا والمدارس هنا أن أهل أوروبا يعلمون صبيانهم في مدارس على حدة وبناتهم في مدارس خاصة بهن. والبنات والصبيان هنا يدرسون في مدرسة واحدة في المدارس الابتدائية والعالية يتربون سوية من الخامسة إلى الثامنة، العاشرة أو العشرين من العمر. ويدعي الأمريكان أن لهذه التربية محسنات جسيمة لم تثبت لي صحتها. ولكن مما لا شبهة فيه أن البنات يترجلن فترى الابنة الأمريكانية متخلقة بأخلاق الصبيان ولها من الجرأة والاعتماد على النفس ما للصبي. وإن الرجال يحترمون النساء كثيراً بحيث يبلغون حد الإفراط في ذلك ويعدون من أعظم الجنايات التعدي على امرأة أو ابنة ولو كانت زنجية.
ترى الفتاة الجميلة ذاهبة وحدها في المحال البعيدة ولا يجسر امرؤ أن يقترب منها أو يسمعها كلاماً بذيئاً لئلا يجلب عليه عمله هذا ضروب البلاء. ذلك أن القوم إذا رأوه يكلم من لا تريد مخاطبته يتعذر عليه الخلاص منهم فيضربونه ويدمونه وربما ضُرب بحيث يوشك أن يهلك. وإذا قبضت الحكومة عليه تجازيه جزاءً شديداً. وإذا اعتدى معتد فاستباح العرض أو ما يشبهه فإعدامه أمر محقق على أي حال كان. وقد شهدت بعض حوادث من هذا القبيل وذلك أن عبداً صفع امرأة على خدها فأدى ذلك إلى سقوطها في الوحل فاجتمع الناس فبحثوا عنه فوجدوه وفي الحال تألف محكمة مؤقتة حكمت عليه بالإعدام فشنق