للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[هنود أمريكا]

لما وطئت أقدام البيض قارة أمريكا ألفوا أنحاء كثيرةً منها مأهولةً بالهنود فدهشوا لما رأوا، كما عجب الهنود من رؤية البيض وتوهموهم آلهةً بادئ الرأي. فأخذوا يسجدون لهم ويعبدونهم ويقدمون لهم الهدايا النفيسة كالقطع الذهبية الكبيرة التي لم يكن لها قيمة عند الهنود.

ولقد وهم المكتشفون الأوروبيون في ظنهم أن سكان أمريكا الأصليين على جانب من الحضارة والعمران، بيد أنهم لم يلبثوا في ذلك العالم الجديد طويلاً حتى تحققوا أن أولئك الهنود هم قوم جهلاء انقضت عليهم ألوف من السنين وظلوا على حالة واحدة من الخشونة والجهالة. فكانت الفلاحة عندهم في ذلك العهد غير معروفة. وكانوا يعيشون من الصيد وثمار الأرض الطبيعية. وكانت بنادقهم أقواس النشاب ورصاصهم الأحجار المحددة وسيوفهم العظم والصوّان.

وكانت مساكنهم من تراب الأرض وأعشابها، ولم تكن إلا أكواخاً حقيرة ملأى بالأقذار لا ترتيب فيها ولا نظام، وكان معظمهم بدون مساكن يعيشون كالحيوانات البرية، وإذ كانوا يطوفون البقاع والربوع للقنص والصيد اضطرتهم حالة الإقليم إلى عمل الخيام من جلود الحيوانات التي كانوا يصطادونها ويعيشون من لحومها وكثيرون منهم ما برحوا عائشين كسابق عهدهم.

اهتم علماء أوروبا بأمر أولئك الهنود فأخذوا يبحثون عن أصلهم وانقضت عشرات السنين على أبحاث كثيرين منهم وإلى اليوم لم يتوصلوا إلى معرفة ذلك. فذهب فريق من العلماء إلى أن أصل هنود أمريكا من أوروبا، وذهب فريق آخر إلى أن أصلهم من آسيا وهذا المذهب هو المعوّل عليه اليوم.

أما كيفية نزولهم أمريكا وعهد مجيئهم إليها فهما من المسائل الغامضة عند أهل البحث والعلم إذ ليس من تاريخ لذلك وليس ثمة آثار تفيد في هذا الباب على أن أصل الهنود واحد وهم عريقون جداً في القدم.

والدليل على أن الهنود من أصل واحد تشابه سحناتهم على تباين عشائرهم في جهات من مختلف الأقاليم في قارة أمريكا. والدليل على قدمهم تفرع لغتهم الأصلية التي تختلف من الخمسين إلى الستين فرعاً. وكل هذه الفروع منسوبة إلى أصل واحد هو الأصل السامي.