للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شعراء النصرانية في الجاهلية]

تابع ما قبله

هذا وإن سألت حضرة الأب لويس شيخو كيف عرفت أن الشاعر الفلاني أو الفلاني كان نصرانياً على حين لم يصرح لك بذلك أحد الأئمة. فيجيبك من فوره وبدون تمهل أجوبة باردة يعيدها كل مرة على من يطالبه بإيراد الأدلة على نصرانية أحد شعراء الجاهلية ممن نصرهم على يديه. فاسمع ما يقول مثلاً عن نصرانية امرئ القيس (المشرق ٨: ١٠٠٣) فبأي دين كان إذن يدين امرؤ القيس أبدين الوثنيين؟ لا نظن وقد فند حضرة الأب أنستاس حجج القائلين بتعبده للأصنام. فيبقى أنه كان إما يهودياً أو نصرانياً. ولم يقل أحد بيهوديته فكان إذن نصرانياً ولا نريد بنصرانيته هذه كما مر أنه كان متمماً لفرائص الدين المسيحي أو أنه كان كاثوليكياً. كلا. وعلى رأينا أنه كان من ملة النسطورية التي أحل أصحابها أموراً لم يحلها غيرهم من النصارى.

أما أدلتنا على نصرانيته فهي الآتية:

أولاً: إبطال مزاعم القائلين بوثنيته ومزدكيته.

ثانياً: خلو شعره من آثار الشرك ففي كل ديوانه ليس من إشارة تدل على عبادة آلهة العرب في الجاهلية.

ثالثاً: بل تجد إقراره بوحدانية الخالق وبالبعث والنشور مع شواعر دينية ظاهرة. . . هذا فضلاً عما في قلبه من الرغبة في المجد والأمور الشريفة والعدول عن حطام الدنيا (كذا. وقد أورد هنا بيتين لا يدلان أبداً على عدوله عن حطام الدنيا بل على تعلقه بأهداب مجد العالم المؤثل).

رابعاً: وفي شعره من الإشارات النصرانية ما في غيره من الشعراء النصارى. . . (كذكره) مصابيح الرهبان والمقدس وهو الزائر لبيت المقدس والإران وهو تابوت النصارى. . .

خامساً: انتشار النصرانية في كندة قبيلة امرئ القيس لمح إلى ذلك حضرة الأب مناظرنا.

سادساً: خروج امرئ القيس إلى القيصر يستنجد به وهذا لم يكن ليخطر على بال أهل البادية وهو يعلم أن القياصرة نصارى متعمقون في الدين لو لم يتخذ وحدة الدين وصلة