قليل من المؤلفين المتقدمين والمتأخرين من رزقوا شجاعة الدكتور شبلي شميل وصراحته في المجاهرة بآرائه العلمية والفلسفية والاجتماعية عرف ذلك منذ نحو أربعين سنة فعد في مصر والشام أحد أفراد قلائل جداً وربما كان فرداً في بابه نبت المؤلف في كفر شيما من جبل لبنان ودرس الطب في كلية الأميركان وأتفن الفرنسية فسهل الكتابة بها كما سهل عليه الكتابة بالعربية وهو ينظم الشعر يتوخى فيه المعاني العلمية والاجتماعية وهاجر إلى مصر منذ أربعين سنة ولولا ذاك لاضطهد وأوذي كثيراً خصوصاً ومن مذهب الدعوة إلى العلم المحض الجديد والزهد في التعاليم القديمة كيف كانت حالها وهو ناشر مذهب دارون في النشوء والتحول باللغة العربية وهذا المذهب هو الذي يدعي بعضهم أن أصل الإنسان قرد والحقيقة أنه لا يقول أن القرد أصل الإنسان وأن الحمار أصل الفرس بل إن افنسان والقرد والفرس وسائر الأحياء في الطبيعة قاطبة من أصل واحد في نشوئها من مواد الطبيعة وبمجرد قواها وقد تغيرت تبعاً لناموس المطابقة حتى بلغت مبلغها الآن بالانتخاب الطبيعي فمذهب دارون الذي أثار ضجة كبرى في هذا الشرق الأدنى يوم ظهوره بالعربية هو مذهب علمي محض يدرس اليوم في المدارس الحرة من غير نكير وهو لا يضر بجوهر الأديان عَلَى ما يقول بعض الباحثين فيه بيد أن الحكمة تقضي عَلَى المتشبعين به أمثال صديقنا الشميل أن يدعوا إليه ولا يغضوا من شأن تعاليم رسخت في النفوس فوقرتها عَلَى توالي القرون وعندنا أن المبادئ العلمية كانت تربي قبولاً من النفوس في بلادنا أكثر مما رأت لو لم يعرض أربابها بما هو أعز عزيز عَلَى الناس شربوا تقديسه مع لبن أمهاتهم وهيهات أن يتحولوا عنه بمجرد دعوة داعٍ أو تعريض معرض.
والكتب التي بين أيدينا من مؤلفات الشميل هي كتاب فلسفة النشوء والارتقاء وقع في ٣٧٧ صفحة طبع بمطبعة المقتطف بمصر سنة ١٩١٠ وكان نشر أكثره في مجلة المقتطف العلمية كبيرة المجلات العربية ومجموعة ثانية وهي كجزء ثانٍ للكتاب فيها موضوعات شتى عمرانية طبيعية علمية تاريخية أدبية سياسية تقريرية انتقادية فكاهية مما نشره المؤلف في جرائد مجلات كثيرة فضم شتاته وقد طبع في مطبعة المعارف بمصر وهو يقع