إن الذي يجلب المسلمين إلى كربلاء هو وجود قبر الحسين بنت رسول الله وأخيه العباس بن علي رضي الله عنهم وقبور أصحابه واعوانه الذين استشهدوا معه في واقعة الطف أو يوم عاشوراء سنة ٦١هـ ٦٨٠م وبذلك أصبحت كربلاء مقدس الشيعة ومزارهم فيأتي إليها كل سنة لزيارة التربتين - تربة الحسين وتربة العباس - من كل حدب وصوب زرافاتٍ زرافات وجماعاتٍ جماعات قادمين إليها من ديار قاصية وربوع نائية كديار العجم وربوع الهند وآسيا الوسطى حيث يكثر الشيعيون ولهذا ترى كربلاء لا تخلو من غرباء يعدون بالألوف للغرض نفسه.
وها نحن نصف للقراء ما في جامع الحسين من الأبنية الضخمة والتزيينات الفاخرة التي هي من أفخر ما يجود به الشيعة في تدينهم وحبهم لآل البيت مستغنين عن وصف جامع العباس لقرب المشابهة بين الجامعين إن وضعاً وإن زخرفاً فنقول:
جامع الحسين من المساجد الرائقة البديعة الصنع، الفائقة الحسن وهو من أعظم المساجد في العراق شأناً، وأتقنها هندسة وصناعة، وأبدعها حسناً وبهجة، وهو عَلَى شكل مستطيل طوله قرابة ٧٠ متراً في عرض يقارب ٥٥ متراً وللمسجد ٦ أبواب فخمة جميلة الوضع وعلى كل باب طاق مرتفع معقود بالحجر القاشاني وكل باب ينتهي بك إلى حي من أحياء المدينة، وفناء المسجد كله فضاء واسع فسيح الأرجاء مفروشة أرضه بالرخام البيض الناصع وكذلك جداره فإن وجه أسفله مغشى بالرخام إلى طول مترين، وما أقول ذلك مبني بالقاشاني الجميل القطع والنحت، ويحيط بفناء الصحن جدار يحصنه قد أقيم عليه طبقتان وفي الطبقة السفلى قرابة ٦٥ غرفة جميلة أمام كل غرفة إيوان قوسي الشكل معقود بالحجر القاشاني.
في وسط فناء الصحن الروضة المقدسة وهي من أعجب المباني وأتقنها وأبدعها شكلاً، وفي حظها بالمحاسن، وأخذت بكل بديعة بطرف يدخل إليها من عدة أبواب ليس هنا محل ذكرها وأشهر أبوابها الباب القبلي وهو من الفضة النفيسة الصياغة وفي جوانبيه سهوات محكمة البناء بديعة الشكل عَلَى هيئة النجاريب مرصعة بقطع من المرائي تأخذ بمجامع