للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[نقد المقتبس]

كان معظم النقد الذي ورد على هذه المجلة في عامها الأول مقصوراً على الألفاظ والوضع اما نقد هذه السنة فأكثره على المعاني والمقاصد. وقد كتب إلينا احد أهل العلم في القاهرة يقول (كنت آليت على نفسك أن لا تتعرض في المقتبس للمباحث المتعلقة بالدين أو السياسة لئلا يظهر منك ما يشتم منه رائحة التعصب للملة أو الدولة ثم رأيتك كانك نسيت عهدك حتى نبهك احد أدباء بغداد على ذلك. وقد رأيتك عدت إلى مثل ذلك فأكبرت الأمر في مثل مسألة بسيطة لا توجب شدة ولا حدة كمسألة التقية ورحت بنحي فيها على الشيعة وإن كان ما أوردته منقولاً عن غيرك حتى أحرجت بذلك صدورنا دع عنك صدورهم. وكذلك فعلت في مسألة السموأل فإنها مسألة طفيفة فما بالك أعظمت الأمر فيها ولعلك تقول أن المقصد بذلك تنقيح البحث في التاريخ وهو من مباحث العلم على أن الاعتراض جاء من غيري فنشرته. أقول نعم كان الخطب سهلاً لو لم يكن في المقالة شدة. وصاحب المجلة مسؤول عما يكتب في مجلته. والمأمول أن لا تعود إلى مثل ذلك او تبين عذرك المقبول في هذا الشأن والسلام عليك)

هذا ما تناولناه بيد المنة لكاتبه وكنا نود أن نكتفي بنشره ونترك الحكم فيه للقراء كما فعلنا حتى الآن في جميع ما جاءنا من هذا القبيل لولا أن كثر مثل هذا النقد علينا وجاءنا شيء من نوعه من مصر والشام والعراق فأصبح السكوت عن الأجابة ضرباً من ضروب الأهمال. وبعد فالمجلة لا تزال جارية على الخطة التي رسمتها في أول جزء صدر من التمحص للعلم المحض والانطلاق في الفكر والتجوز في الاقتباس والنشر. وما يبدر منافي بعض الموضوعات مما قد يحمله بعضهم على نزعة دينية أو سياسية فإنما يكون في الغالب من مؤزاري المجلة الكرام أو مما نقتبسه من غيرنا أو يقع لنا بالعرض لا بالقصد ولا نبرئ النفس من الذهول في بعض الأحيان فالإنسان محل النسيان.

ليس معنى نشرنا في السنة الماضية لمقالتين في حريق الأسكندرية أحدهما معربة عن التركية والأخرى عن الإنكليزية مما يستدل منه على أننا نريد الغض من الرفع لآخر فالمسألة تاريخية صرفة تعاورتها الأقلام ولا تزال تتعاورها من أهل كل نحلة وجنس. وكذلك درجنا بحث (شعراء النصرانية في الجاهلية) وهو من المباحث التي لامنا بعضهم على القبول بنشرها ولو علم اللائمون بأن الناقد والمنتقد عليه متحدان في النحلة والمشرب