شعوبها القديمة: سكنت إيطالي عدة أجناس من الأمم لم يتحدوا في عاداتهم ولغاتهم فكان يعتبر السه لالعظيم الشمالي بين جبال الألب والأبنين جزءاً من إيطاليا وهناك نزل شعوب من الغاليين أتوها من الشمال. فكان الأتروسكيون ينزلون في البلاد الواقعة بين جبال الأبنين والبحر (هو إقليم توسكانيا) إلى نهر التيبر وفي جنوبه ينزل اللاتين. ولقد سكنت قبائل كثيرة في جبا الأبنين الوعرة وراء السهول الرومانية في الشرق والجنوب ولم تدع كل هذه الشعوب باسم واحد ولم تؤلف أمة واحدة بل كانت تنقسم لى أومبريين وصابنيين وفولسكيين وإيكيين وهرنكيين ومارسيين وسامنتيين ولكنهم يكادون كلهم يتكلمون بلغة واحدة ويعبدون أرباباً واحدة ولهم عادات واحدة. يتكلمون كالفرس والهنود واليونان بلغة آرية ولبعدهم وراء جبالهم عن الاختلاط بغيرهم احتفظوا بعاداتهم القديمة وعاشوا عصابات مع قطعانهم مشتتين في الخلاء ولم يكن لهم مدن ولا حواضر بل كانوا يلجؤن زمان الحرب إلى حصون أقيمت في الجبال وقد عرفوا بالشجاعة والقتال وبسلامة الأخلاق ومتانتها وكان منهم بعد حين أعظم قوة للجيش الروماني وفي أمثالهم: من يستطيع أن يتغلب على المارسيين أو أن يغلب بدونهم.
جاء في إحدى أساطيرهم أن الصابنيين نزل بهم خطب فادح فاعتقدوا أن الأرباب ساخطون عليهم فعقدوا العزم على أن يسكنوا غضبها وأن يقدموا ضحية إلى رب الحرب والموت كل من يولدون من الأولاد في إحدى فصول الربيع. ودعيت الضحية الربيع المنذور فأصبح جميع الأطفال الذين وضعتهم أمهاتهم تلك السنة ملكاً للرب حتى إذا بلغوا سن الرجال غادروا البلاد وبعدوا عنها إلى القاصية فتألفت عصابات فاختارت كل عصابة أحد حيوانات إيطاليا المقدسة دليلاً من مثل الصرد والذئب والثور وهي تتبعه كأنها تتبع مرسلاً من الرب وحيثما وقف الحيوان تنزل العصابة وتتخذه موطناً لها. وقيل أن عدة شعوب من إيطاليا كان أصلها من تلك الأسرات من النازحين وما زالت محافظة على اسم الحيوان الذي كان أجدادها اتبعوا آثاره في القديم وذلك مثل الهربينيين (شعب الذئب) والبيسانتينيين (شعب الصرد) والسامنتيين وكانت عاصمتهم تسمى بوفيانوم أي مدينة