بشرتنا البرقيات بصدور الإرادة السلطانية بتعيين حضرة الشريف علي حيدر باشا أميراً لمكة المكرمة مع توجيه رتبة الوزارة السامية إلى عهدة دولته فكان لهذا التوجيه رنة مسرور وابتهاج في أندية الشام يقدرها من عرف صاحب الدولة الشريف علي حيدر باشا في شمائله الذكية وأخلاقه الملائكية وفرط صداقته للدولة العلية وشدة استمساكه بعروة الخلافة العثمانية فضلاً عن مكانة الشريف من بنوة النبوة وسلالة البيت الذي نزلت بتطهيره الآيات المتلوة ولا يخفى أن هذه الإمارة منذ أيام الحسن ابن أبي نمي أي منذ نحو ثلاثمائة سنة كانت قد انحصرت في هذا البيت الكريم المعروفين بذوي زيد يتوارثونها خلفاً عن سلف وكابراً عن كابر ولا ينازعهم فيها منازع ولا يكابرهم في الحجاز مكابر إلى أن حصلت ألفتنة النجدية واتسع فتق ابن عبد الوهاب وقام بدعوته ابن سعود واستولى على نجد وجانب من اليمن فأرسل النجديون بعض علمائهم إلى الحرمين فناظرهم علماء الحرمين وأقاموا عليهم البرهان وكتبوا عليهم حجة عند قاضي الشرع في مكة تتضمن الحكم عليهم فأمر بحبسهم أمير مكة وكان الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد المتوفى سنة خمس وستين ومائة وألف فوصل الخبر إلى ابن سعود فازدادت العداوة وصار النجديون يغيرون على بعض القبائل الداخلة تحت طاعة أمير مكة وفي سنة خمس بعد المائتين والألف انتشبت الحرب بينهم وبين أمير مكة وكان الشريف غالب بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد وقتل من ألفريقين خلق كثير.
وما زال النجديون يتقدمون حتى دان لهم أكثر الغربان الذين في طاعة أمير مكة وفي سنة سبع عشرة بعد المائتين والألف هجموا على الطائف بجموع كثيرة وأخذوه وقتلوا أهله رجالاً ونساءً ولما انصرف الحجيج تلك السنة قصدوا مكة ورأى الشريف غالب أنهم سيملكونها فسار إلى جدة فقصدوه فضربهم من هناك بالمدافع وهزمهم وعضدته الدولة العلية بعسكر مع والي جدة شريف باشا فساروا وأخرجوهم من مكة سنة ١٢١٨ واستقر الشريف غالب في الأمارة ثم أعادوا الهجوم بجيوش كثيرة وأطاعتهم العربان التي حول مكة المكرمة وحصروا البلد الأمين من كل الجهات وقطعوا عنه الميرة فاشتد بأهله الجوع واضطر الشريف غالب إلى الصلح معهم على أن يبقى أميراً بمكة ورضي بذلك مصانعة لهم ورفقاً بالأهالي الذين بلوا منهم بالداهية العظمى ودخل عصاة النجديين مكة ١٢٢.