عني بنشره أحمد بك تيمور منقولاً عن نسخة كتبت سنة هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
من ملك الملوك أزدشير بن بابك إلى من يخلف من الملوك
السلام عليكم إن من أخلاق الملوك الأنفة والجراءة والبطر والعبث وكلما دامت سلامة الملك في ملكه قويت هذه الأخلاق عليه حتى يغلب عليه سكر الملك الذي هو أشد من سكر الخمر فيظن أنه قد أمن من النكبات والعثرات فيبسط يده ولسانه بالقبيح فيفسد باعتماده جميع ما أصلحه قبله فتعود المملكة خراباً.
وأفضل الملوك الذي يتذكر في عزّه الذل وفي أمنه الخوف وفي قدرته العجز فيجمع بين بهجة الملوك وحذر الرعية ولا خير إلا في جمعهما فإن رشاد الملك خير من خصب الزمان.
الدين أساس الملك. والملك حارس الدين فلا يقوم إحداهما إلا بالآخر.
إياكم أن تتهاونوا بمن يطلب الرئاسة بإظهار الزهد والغضب للدين فما اجتمع الناس على رئيس في الدين إلا انتزع ما في يد الملك من ملكه فإن الناس إلى رئيس الدين أميل. فتعهدوا طبقات الناسي وتفقدوا جماعاتهم فإن فيهم من قد حقرتم وجفوتم.
وإذا آذن الملك للعقلاء من مناصحي دولته في إنهاء ما يتجدد عندهم من النصائح التي لا يعلمها خواصه أو يعلمونها ويكتمونها انفتحت له أبواب من الأخبار المحجوبة عنه فيحذر وزراءه وخواصه من الاتفاق على ما يسترونه عنه ولا يقدمون على أمر يكرهه خوفاً من أن يطالع به فيأمن مكايدهم وتسلم الرعية من ظلمهم.
ومن غلبت عليه خواصه حتى منعوا عنه الناس فلا يصل إليه إلا من يحبون أطبقت ظلم الجهالة عليه.
ولا ينبغي للملك أن يعتقد أن تعظيم الناس له هو بترك كلامه ولا أن إجلالهم له هو بالتباعد عنه ولا أن محبتهم هي بموافقته على جميع ما يحبه. وإنما تعظيمهم له بتعظيم عقله وصواب سياسته وإجلالهم له إجلال منزلته من الله بما يجريه على يده ولسانه من