(معذرة إلى المؤلفين والطابعين الذين أهدونا مؤَلفاتهم لنتكلم عليها في هذه المجلة فعاقت الأحوال التي طرأَت علينا دون القيام بما اعتدناه في السنين السالفة من التوسع في نقد الكتب وتقريظها والمبادرة إلى النشر في حينه ولذا نرجوهم أن يعذرونا عَلَى إيجاز القول ونعدهم بأن كلامنا يكون من قابل أطول نفساً وأوسع مادة. وها نحن أولاءِ نبدأُ بجملة مما كتب في الغرب على الشرق أو نشر في ديار الغرب من علوم الشرق ثم نتبعه بما صدر من المصنفات الجديرة بالنظر في هذا الشرق الأقرب ونستميح عذراً ممن تفضلوا بإهدائنا ما عربوه من القصص ونشروه من الروايات عَلَى إغفال ما نشروه لأن المجلة لا تشير إلا إلى المصنفات التي توافق موضوعاتها في الأدب والاجتماع والعلم وتعنى بما يصنف رأْساً في الأدب أكثر من عنايتها بما يعرّب فيه كما أنها تعنى بالكلام عَلَى ما يكتب أو يعرب في الاجتماع والعلم عَلَى حد سواء).
الشرق الإسلامي
كتاب بالألمانية نشره المسيو مارتين هرتمن من علماء المشرقيات وهو ممن يهتمون بمستقبل العرب وكتابه قسمان قسم في تاريخ العرب وينقسم إلى ثلاثة أقسام العربية القديمة والعربية الوسطى والعربية الحديثة واعتمد في سرد التاريخ على الآثار أكثر من النقول التي لا ينهض دليل تطمئن النفس ومتى فقدت المادة التاريخية فليس من تاريخ وخص كلامه عَلَى اليمن لأن ما اكتشف من آثارها الحجرية يسهل البحث في تاريخها وقال أن اليمانيين كانوا شعباً رحالاً ولم يكونوا عرباً كما يفهم من معنى هذا اللفظ في القديم إذ كان معناها البدو أو سكان البادية وما قط كان العرب الرحالة كثار العدد ومن الغلط أن يقال أن القفر كان مادة حياة المدن القريبة منه في سكانه. وقد كان الأشراف في اليمن وهم الأذواء أي ذو يزن وذو رعين وغيرهما هم المحتكرون للتجارة والسواد الأعظم من الأهلين ينقسمون إلى قبائل يخضعون للأشراف ويعيشون بالزراعة وانتشرت الديانة اليهودية في اليمن إلا أنها كانت قليلة البقاء كما أنها لم تطل أيامها في جزيرة العرب وقد أسقط الحبشة دولة ذي نواس وتكلم المؤَلف عَلَى الأسرة والزواج والقبائل وشرح حالة جنوبي الجزيرة العربية من حيث زراعتها وتجارتها وآثارها وديانتها وقال أن أفكار البابليين قد انتشرت