[وصف الأسطول]
كلما زهت طبيعة قطر وحف بضروب النعيم الصناعي والطبيعي تنفتق ألسن أبنائه في وصفه والميل إلى رباعه ولذلك تجد للشاميين في وصف إقليمهم من الأماديح ما لا تجده للعراقيين وما تجده للأندلسيين لا تراه لأدباء المصريين. والأندلس هي من البلاد التي زهت بنضرتها وتاهت بفطرتها ولذلك ترى شعراءها وكتابها أشبه بالأوربيين في مناحيهم الأدبية لهذا العهد ينطقون بوصف ما تقع عليه أبصارهم وما كانت تقع إلا على أثر في الحضارة وشيءٍ من العمران وإذ قد اضطرتهم الحال أن يخوضوا غمرات البحار كالفينيقيين أيام عزهم والبريطانيين في أيامنا كان لهم من أساطيلهم ما وصفه شعراؤهم فيما يلي.
قال ابن هانئ يصف الأسطول:
معطفة الأعناق نحو متونها ... كما نبهت أيدي الحواة الأفاعيا
إذا ما وردنا الماء شوقاً لبرده ... صدرن ولم يشربن غرقي صواديا
إذا أعملوا فيها المجاذيف سرعة ... يُرى عقرباً منها على الماء ماشيا
وقال أبو عمرو يزيد بن عبد الله اللخمي الأشبيلي الكاتب:
ويا للجواري المنشآت وحسنها ... طوائر بين الماء والجو عوماً
إذا نشرت في الجو أجنحة لها ... رأيتَ به روضاً ونوراً مكمما
وإن لم تهجه الريح جاء مصالحاً ... فمدت له كفاً خضيباً ومعصما
مجاذف كالحيات مدت رؤوسها ... على وجل في الماء كي تروي الظما
كما أسرعت عداً أنامل حاسب ... بقبض وبسط ينسبق العين وإنما
هي الهدب في أجفان أكحل أوطف ... فهل صنعت من غندم أو بكت دما
قال ابن الأبار وقد أجاد ما أراد في هذا الوصف وإن نظر إلى قول أبي عبد الله ابن الحداد يصف أسطول المعتصم بن صمادح:
هام صرف الردى بهام الأعادي ... إن سمت نحوهم لها أجياد
وتراءت بشرعها كعيون ... أبها مثل خائفيها سهاد
ذات هدب من المجاذيف حال ... هدب باك لدمعه إسعاد
حمم فوقها من البيض نار ... كل من أرسلت عليه رماد