قرأت في الجزء العاشر من مجلة المقتبس مقالاً بعنوان الفصيح العامي والعامي الفصيح لحضرة الفاضل نعوم أفندي مكرزل صاحب جريدة الهدى التي تصدر في نيويورك. قرأته بلهف شديد لأني أميل بسائق من طبعي إلى المباحث اللغوية نقد كلام البلغاء وتميز القول الفصيح من الغث الركيك. ليكون لي من ذلك مادة استعين بها. وقاعدة أحتذي مثالها: أقدمت على تصفح هذه المقالة وأنا معجب بأولئك النفر من أخواننا العرب المسيحيين الذين هاجروا وطنهم ولكنهم لم يهجروا لغتهم. ولم يذلوها في غربتها. بل رفعوا شأنها وحفظوا كرامتها. بما نشروه من الجرائد. وبجوه من الرسائل والكتابات المفيدة. وحضرة نعوم أفند=ي من هؤلاء الأفاضل الذين خدموا لغتنا العربية بما نشروه في جريدة (الهدى) التي لم أك من قراءها وإنما كنت أقرأ أحياناً نبذاً منها في صحافتنا العربية أما مقال (الفصيح العامي) الذي قرأته أخيراص في مجلة المقتبس فقد رأيته أقل قدراً من أن يعزى إلى صاحب جريدة (الهدى).
ولاحظت فيه ركاكة في التعبير. وضعفاً في الأسلوب. ومواضع للنقد والمناقشة بلغت من الكثرة مبلغاً جعلتني استبعد أن تكون فرطت من قلم كاتب المقالة وإنما هو الذهول غلب على مصحح أصولها في إدارة المقتبس فجاءت هذا مشوهة المحاسن. طامسة المعالم. وإن لم يكن الأمر كما ذكرت فيكون الوسط الأعجمي الذي يعيش فيه أخواننا المهاجرون أثرت رطانته في صراحة لغتهم. وبدلت عجمته من عروبة ألسنتهم. وإلا فكيف قرأ مقالاً لواحد من أشهر كتابهم في نقد لغة الكتاب وتعداد أغلاطهم في أساليبهم وتراكيب كلامهم. وإرشادهم إلى الطريقة المثلى في التعبير والتحبير. ثم بعد هذا كله نسمع في المقال نفسه من الركاكة والغموض والعسلطة ما لا يتفق وجوده في عشرات المقالات. ألا يكون هذا من الغرائب؟
لو اقتصر الكاتب على الموضوع الأهم من مقالته: وهو سرد الكلمات العامية التي يحتسبها الكتاب دخيلة وهي عربية فصيحة ثم حضهم على استعمالها لكان أجاد وأفاد. لكنه ذهب في أفانين القول كل مذهب وتعرض لنصح المنشئين والزراية عليهم والإنشاء العالي فسقط في