ليس في التاريخ ما يصح الاعتماد عليه في حال الأمية في الصدر الأول اللهم إلا بضعة سطور مبعثرة في تضاعيف الأسفار. وغاية ما استخلصته أن الكتابة والقراءة والحساب انتشرت بين أهل الإسلام على الزمن ولم يكن تعليمها الناس إلزامياً حتماً بل كان اختيارياً على نحو ما أمر الرسول عليه السلام اسارى أصحابه في إحدى الوقائع أن يفتدوا أنفسهم إذا لم يكن لهم مال بتعليم عشرة من أولاد المسلمين القراءة والكتابة.
والأُميّ والأُمان من لا يكتب أو من على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب وهو باقٍ على جبلته كما جاء في القاموس وزاد في التاج إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب أراد أنه على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى. وقال بعضهم ومجاز الأميّ على ثلاثة وجوه قولهم أميّ منسوب إلى أمة رسول الله (ص) ويقال رجل أمي إذا كان من أم القرى أي مكة والنبي الأُمي إنما أراد الذي لا يقرأ ولا يكتب والأمية في النبي فضيلة لأنها أدل على صدق ما جاء به.
قال صديق حسن خان: في تفسير قوله تعالى ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني أي من اليهود. والأمي المنسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها لم تتعلم الكتابة ولا تحسن قراءة المكتوب. ومن حديث إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. وقال أبو عبيدة: إنما قيل لهم أميون لنزول الكتاب عليهم كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب فكأنه قال: ومنهم أهل كتاب وقيل هم نصارى العرب وقيل هم قوم كانوا أهل كتاب فرفع كتابهم لذنوب ارتكبوها وقيل هم المجوس حكاه المهدوي وقيل غير ذلك والراجح الأول وقيل أميون أي عوام.
على أن الكتابة العربية لم تنتشر في جزيرة العرب قبل الإسلام بكثير. وأول من كتب فيها مرامرة بن مرة من أهل الأنبار. قال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سئلوا من أين لكم الكتابة فقالوا من الحيرة وقيل لأهل الحيرة من أين لكم الكتابة فقالوا من الأنبار. والناقل لهذه الكتابة كما في رواية بعض المؤرخين حرب بن أمية القرشي الأموي والغالب أن واضعها مرامرة المشار إليه. هكذا شاعت الكتابة قبيل الإسلام كما نقل العرب الحساب عن الهند. وكانت لحمير على ما روى ابن خلكان كتابة تسمى المسند وحروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلا يتعاطاها أحد إلا بإذنهم فجاءت ملة الإسلام وليس في