للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكومة الشورى في المملكة العثمانية]

من أدق المسائل وأعضلها مسألة توليته الملك واختيار الأصلح لحكم الناس بالعدل والعقل. مسألة شغل بها البشر في كل دور من أدوارهن فقضت ولا تزال تقضي في تأييد سلطة الملوك ملايين من الناس. على هذا كان الحال في حكومات العرب بعد الإسلامية في القرون الوسطى والحكومات الإفرنجية في القرون الحديثة.

الناس بخير ما حافظ ملوكهم على النظام في الجملة فإذا استرسلوا في شهواتهم وأهوائهم واستهانوا بمن تولوا رقابهم فعاملوهم معاملة الأنعام التي يرثها الابن عن أبيه ويتصرف فيها بما يشاء يفسد الأمر وتنتشر الفوضى ويتراجع ىالعمران ويذعر السكان. سنة من سنن هذا الكون مذن قامت المجتمعات الأولى وما من شيء بدل الآن على زوالها من العالم كل الزوال.

لابد للناس من طاعة زعيم يرجعون إليه ببعض أمور دنياهم ولو صورة فإذا استقام هذا الزعيم وسار بمشورة أهل الرأي من قومه استقامت شؤونهم مراميهم. وقد كان من الخلافة الإسلامية وهي تجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية أثر عظيم من الجري على هذه الطريقة بإشراك الخليفة أصحابه وسروات بلاده في حربه وسلمه وغنمه وغرمه إلا أن هذه الصورة من الحكم لم يطل عهدها كثيراً فانقلبت بعد زمن قليل إلى ملك عضوض بسعي معاوية بن أبي سفيان وغدا يتقلدها صاحب القوة بل كل ابن يوصي له بها أبوه مهما كانت أخلاقه وكفاءته وسنه.

قال ابراهيم الأنصاري وهو ابراهيم بن محمد المفلوج من ولد زيد القاري: الخلفاء والأئمة وأمراء المؤمنين ملوك وليس كل ملك يكون خليفة وأماماً قال: ولذلك فصل بينهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه في خطبته فإنه لما فرغ من الحمد والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن أشقى الناس في الدنيا والآخرة فرفع الناس رؤوسهم فقال: ما لكم أيها الناس أنكم عجلون أن من الملوك من إذا ملك زهده الله فيما عنده ورغبه فيما في يدي غيره وانتقصه شطر أجله وأشرب قلبه الإشفاق فهو يحسد على القليل ويتسخط الكثير ويسأم الرخاء وتنقطع عنه لذة الباه لا يستعمل العبرة ولا يسكن إلى الثقة فهو كالدرهم القسي (الرديء) والسراب الخادع جذل الطاهر حزين الباطن فإذا وجبت نفسه ونضب عمره وضحي ظله حاسبه الله فأشد حسابه وأقل عفوه إلا أن الفقراء هم المرحومون وخير