للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[صحف منسية]

كتب القاضي الفاضل إلى العماد الكاتب

وردت مكاتبات كنّ من المجلس العمادي أعزه الله وأكرمه حسنة استفيدت من أثر منقول، وخبر مقول، فأثيب راويه وناسخه، وشكر سارقه ومنتحله وسالخه، وعلى هذا الذكر فإن كان سيدنا تمم التاريخ الناصري فيصل ما عندي منه، ويكمل ما أنعم به، وتركته في دمشق انتظاراً لكماله، وغيرة على تلك المحاسن، أن يتناولها البلاغ، قبل أن تبلغ الفراغ. العدل (كذا) وصل حفظه الله وثقل ثم منَّ الله بعافيته ووهبها، وأتى بلطيفة من لطائف صنعه ما حسبها، وعلى ذكر المرض فالخواطر مشغولة بأمر سيدنا في هذا الإقدام الذي أقدم فيه على نفسه، وحكم الحديد في جلده، ومتى صارت له هذه الجسارة بعدي، وفديته وفدته أحباؤه فإن أشفقوا مما أقول فبي وحدي، وقد كان الصبر على تطاول المرض، أولى من هذا الهجم على هذا المضض، وما أخشى إلا أن يعسر التحامه، وتتمادى أيامه، فإما العاقبة فغير مخشية ولله الحمد، فيعرفني سيدنا ما استأنف من التدبير فيما بعد.

وكتب إليه: وصل كتاب المجلس أدام الله أنس السعادة بأيامه، والملك بأقلامه، ولا حرم الإخوان منه منة اعتزامه، ومؤونة التزامه، ولا برح التوفيق مجزلاً بسهامه، ومسدداً لسهامه، ومساعداً لمراميه، ومساعفاً لراميه، (كذا) وهذا الكتاب المؤرخ بيوم السبت مستهل ذي القعدة أحسن الله فاتحته ومنصرفه، وكشف الضر الذي نؤمل من رحمته أن يكشفه، وكتبه مضمار الأوصاف المرتكضة، وكنوز الخواطر المقترضة، ولما كانت الصدور منشرحة، والنفوس مروحة، كنا نأخذ منها أوصافها، ونعيد إلى كرمتها سلافها، فإما والخطرات معتقلة، والنفوس على همومها مشتملة، فقد ضاق فتر عن مسير، وكاد ينقلب البصر خاسئاً وهو حسير. وعرف ما شرحه المجلس فلو أن ما نحن فيه من الجرح يدمله غير العافية لكان شرحه يدمله، أو لو أن ما بالقلوب من الأسى يرحل بغير بشرى الصحة لكانت ألفاظه ترحله، وعلى ذلك فلو كان الدهر يقاتل بسلاح لقوتل بسلاحها، أو لو كانت جبال الهموم تذرى برياح، لكانت تذرى برياحها، والنفس واثقة بلطف الله تعالى وبما عود، وأن البشارة إن لم تكن في اليوم كانت في الغد. وكانت الألفاظ العمادية كأياديها، وقد جاءت مجيء مسبل الغمام العام، وأضاءت بوارقها فأخجلت ما شام الشام، وتجلت ليالي الهموم