كما قيض الله سبحانه رجالاً في الهند لنشر مذهب السلف بطبع كتب الحديث وسننه ومسانيده وأجزاءه وكتب عقيدتهم الصحيحة كذلك أتاح لذلك رجالا من البحرين ومصر وجدة لا يألون جهداً في السعي وراء إحياء آثار السلف وبعثها من مراقد الإهمال الذي قضى عليها ضعف العلم في العصور الأخيرة.
ومنهم الشيخ عبد القادر التلمساني الصل نزيل مصر فقد طبع في مصر الصارم المنكي، والكافية الشافية، وكتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وجزء رفع اليدين، وجزء القراءة خلف الإمام، وغاية الأماني وآخر ما نشره مجموعة كتب من ألطف الكتب وأنفسها يودكل نهم بالعلم لان يقف عليها ويتمتع بفوائدها.
اشتمل هذا المجموع - الذي طبع بمطبعة كردستان بأجمل ورق وألطف حرف - عَلَى تسعة مؤلفات (الأول) كتاب الرد الوافر عَلَى من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر للإمام حافظ الشام ناصر السنة محمد بن أبي بكر المعروف بابن ناصر الدين الشافعي المتوفى عام (٨٤٦) جاء كتابه هذا في (١٣٦ ص) بالقطع الكامل افتتح خطبة كتابه بما ورد إتباع السنة واجتناب البدعة ثم نعى عَلَى المكفرين والمضللين وإن كل هؤلاء ركب هواه، فابتدع ما أحب وارتضاه وناظر أهل الحق عليهن ودعاهم بجهله إليه، وزخرف لهم القول بالباطل فتزين به وصار ذلك عندهم ديناً يكفر من خالفهن ويلعن من باينه، وساعد عَلَى ذلك من لا علم له من العوام، ويوقع به الظنة والإيهام، ووجد عَلَى ذلك من الجهال أعواناً، ومن أعداء العلم أخدناً، إتباع كل ناعق لا يرجعون فيه إلى دين، ولا يعتمدون عَلَى يقين، وقد رجوا به الرئاسة، وتزينوا به للعامة.
وما ألطف قوله بعد ذلك عن الناطق بالتكفير، عن هذا القول الشنيع قد أبان قدر قائله في الفهم، وإن فصح عن مبلغه من العلم، وكشف عن محله من الهوى، ووصف كيف إتباعه سبيل الهوى، ولا يرد بعد روايته عنه ونسبته إليه كلام الإنسان عنوان عقله يدل عليه.
وقد استقرأ من ترجم شيخ الإسلام ابن تيمية من مشاهير الأعلام ما يقرب تسعين إماماً مشهوراً وقد ذيل الكتاب بتقاريط أقران المؤلف ومعاصريه كالحافظ شهاب الدين ابنة حجر