في قرية زمارين التي تبعد عن حيفا زهاء ثلاثين كيلو متراً مكتبة غنية جمعت كل ما عرف إلى الآن من المصنفات الزراعية على مختلف اللغات وقد أتيح لنا زيارتها ربيع هذه السنة فأردنا أن نطلع من يريد الاطلاع على ما هنالك وأن نصف لهم كتاباً عربياً من أجود وأمتع ما كتب في الزراعة فنبدأ بوصف القرية ثم المكتبة ثم الكتاب القريةزمارين أو ذكرون يعقوب على ما يسميها سكانها بليدة صغيرة أستوطنها وتملكها مهاجرة الإسرائيليين القادمين من رومانيا سنة ١٨٨٢ ميلادية وقد ضاقوا ذرعاً من الأنفاق على أعمارها وإصلاح تربتها قبلاً فاستنجدوا بسراة قومهم فانجدهم البارون يعقوب روتشيلد الذي نسبوهم إليه كما مر بك وأمدهم بالأموال الطائلة حتى أثروا وتنعموا وأخيراً سلمها إلى جمعية الأيكا أحدى جمعيات الاستعمار الإسرائيلي التي تعمل على أسكان الإسرائيليين في فلسطين وفي أميركا وغيرها من البلدان وهي تحوي اليوم ١٥٠ بيتاً وفيها من السكان ما يزيد عن ٨٠٠ نسمة وواقعة على ذروة جبل يطل على البحر المتوسط وعلى ما حولها من السهول الخصبة والحراج الغضة وبالنظر لكونها في منتصف الطريق المؤدي إلى يافا فإن فيها نوعاً من الحركة التجارية وأهلها يعملون بالزراعة وفيها در للبريد والبرق وتجود فيها الكروم إلى حدان معملها الكبير يخرج مقداراً كبيراً من الخمر وغيرها من المشروبات الألكحولية ويصدرها إلى أوربا فوق ما يستهلك منها في فلسطين.
وفي هذه القرية من الجواد والشوارع ما لا تحده في المدن الكبرى ويأتي الماء إليها من بئر غزيرة في جنينة تسمى النزلة تسوقه قوة البخار إلى ما يعلو عن سطح البحر مائتي متر تقريباً ويتوزع على البيوت والسيلان من الخزان الذي يجتمع فيه وفيها فنادق تفي بالغرض وتعنى براحة المسافرين ويتخلل بيوتها القوراء الشمس والهواء النقي.
المكتبة
في أحدى جوانب هذه القرية تجد بناية فخمة بالنسبة إلى ما سواها وأول ما يقع نظرك عليه منها بهو غير واسع الأرجاء ولكنه يكفي لاجتماع مزارعي تلك القرية وفي وسط آلة تدور بصور الحبوب والثمار ليسهل على الخطيب الذي يخطب في موضوع الزراعة