للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الرومان]

عاقبة الجمهورية

كاتون الأوتيكي: بينا كان القواد يتنازعون بينهم فيمن يستأثر بالسلطان على العالم الروماني اشتهر رجل بتعلقه بالدستور الجمهوري القديم الذي أخذ يمزق لما رآه آخذاً في التداعي لم يلبث أن انتحر وكان كاتون هذا هو الملقب بكاتون الأوتيكي باسم المدينة التي انتحر فيها.

كان هذا الرجل من أسرة شريفة من أخلاف كاتون وزير الإحصاء الشهير والمدافع عن الأخلاق الرومانية القديمة كتب له أن يكون صاحب ثروة طائلة وهو شاب بعد. وكان قد تعلم فلسفة الرواقيين وجرى عليها فأنشأ يعيش عيش الزهاد يأكل قليلاً ويشرب قليلاً ولا يتطيب وعوّد نفسه احتمال الحر والبرد الشديد يسافر ماشياً في كل فصل من فصول السنة حتى مع أصحابه الراكبين خيولهم ولا يلبس إلا ثياباً بسيطة رثة وقد وقع له أن خرج بدون حذاء.

ولما أرسل قائداً لأحد الجيوش إلى إحدى الحروب (بموجب امتياز فتيان الأشراف) أحبه جنده واحترموه إذ رأوه يعيش مثلهم عيشاً بسيطاً ولما وسدت إليه نظارة المالية عُني بالنظر في الحسابات بنفسه على العكس فيمن كان قبله من الأشراف يتولون هذه النظارة فإنهم كانوا يتركون للكتاب ينظرون في شؤون المالية وحدهم وبذلك اكتشف تزويرات الكتبة وحاكم المرتكبين واشتهر بغيرته وكان لا يتأخر عن جلسة من جلسات مجلس الشيوخ أو مجلس الأمة فصار يضرب المثل بشرفه وأصبح القوم يقولون عن الأمر المتعذر لا يمكن تصديق هذا ولو قاله كاتون.

وكان كاتون يقوم بما يعتقد أنه واجب عليه دون أن تأخذه رأفة أو تناله رهبة. وحاول أن يحكم على مورينا لأنه ابتاع أصوات الأمة حتى انتخبته قنصلاً فبرأه شيشرون وكان إذ ذاك قنصلاً بخطاب سخر فيه من فلسفة الرواقيين فقال كاتون: حقاً أن لنا قنصلاً مضحكاً واقترح قيصر في مسألة المشتركين في قتل كاتالينا أن يتأخر إعدامهم لأنهم رفعوا قضية فاشتد كاتون على قيصر وأشار إلى مجلس الشيوخ أن يأمر بإعدام الجناة في الحال فلم يسع المجلس إلا أن يقرر قتلهم.

ولما اقترح بومبي سن قانون يسمح له بإدخال جيشه إلى رومية خلافاً لما رسمه الدستور