للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة عبد الحميد الكاتب في نصيحة ولي العهد]

قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر في كتابه المنثور والمنظوم ومن الرسائل المفردات رسالة عبد الحميد بن يحيى إلى عبد الله بن مروان حين وجه لمحاربة الضحاك الخارجي في تعبية الحروب فإنه يقال أنها لا مثل لها في معناها:

أما بعد فإن أمير المؤمنين عندما اعتزم عليه من توجيهك إلى عدو الله الجلف الجافي الأعرابي المتسكع في حيرة الجهالة وظلم الفتنة ومهاوي الهلكة ورعاعه الذين عاثوا في الأرض فساداً وانتهكوا حرمه لاستخفافاًُ وبدلوا نعم الله كفراً واستحلوا دماء أهل سلمه جهلاً أحب أن يعهد إليك في لطائف أمورك وعوام شؤونك ودخائل أحوالك ومضطر تنقلك عهداً يحملك فيه أدبه ويشرع لك عظته وإن كنت والحمد لله في دين الله وخلافته بحيث اصطنعك الله لولاية العهد مخصصاً لك بذلك دون لحمتك وبني أبيك.

ولولا ما أمر الله به دالاً عليه بتقدمة المعرفة لمن كانوا أولي سابقة في (الدين) وخصيصي في العلم لاعتمد أمير المؤمنين منك على اصطناع الله إياك بما يراك أهله في محلك من أمير المؤمنين وسبقك إلى رغائب أخلاقه وانتزاعك محمود شيمه واستيلائك على تشابه تدبيره.

ولو كان المؤدبون أخذوا العلم من عند أنفسهم ولقنوه إلهاماً من تلقائهم ولم يتعلموا شيئاً من عند غيرهم لنحلناهم علم الغيب ووضعناهم بمنزلة خالقهم المستأثر بعلم الغيب عنهم بوحدانيته وفردانيته في إلاهيته واحتجاجاً منهم لتعقب في حكمخ وتثبت في سلطانه وتنفيذ إرادته على سابق مشيئته ولكن العالم الموفق للخير المخصوص بالفضل المحبو بمزية العلم ادركه معاداً عليه بلطيف بحثه وإذالال كنفه وصحة فهمه وهجر سآمته.

وقد تقدم أمير المؤمنين إليك آخذاُ بالحجة عليك مؤدياً حق الله الواجب عليه في إرشادك وقضاء حقك وما ينظر الوالد المعني الشفيق لولده. وأمير المؤمنين يرجو أن ينزهك الله عن كل شيء قبيح يهش له طمع وأن يعصمك عن كل مكروه حاق بأحد وأن يحصنك من كل آفة استولت على أمريء في دين أو خلق وأن يبلغه فيك أحسن ما لم يزل يعوده ويريه من آثار نعمة سامية بك إلى ذروة الشرف ومنجحة لك ببسطة الكرم لائحة بك في أزهر معالي الأدب. والله استخلف عليك وأسأله حياطتك وأن يعصمك من زيغ الهوى ويحضرك دواعي التوفيق معاناً على الإرشاد فيه فإنه لا يعين على الخير ولا يوفق له إلا هو.