تأليف أحمد بك قمحة طبع بمطبعة الجريدة في مصر سنة ١٣٢٨هـ - ١٩١٠م ص٣٤٣ لو كتب لمصر أن يرتقي فيها كل فرع من فروع العلم على نحو ما ارتقى القضاء لأصبحت كفرنسا لا تنقصها إلا أن أهل مصر ساميوةن عرب وأهل فرنسا توتونيون فرنسيس وأمامنا الآن هذا التأليف النفسي كتبه مرلفه من ألأساتذة القضاء بلسان سلسل وتنسيق بديع وضمنه النظامات القضائية والإدارية والمالية والسياسية في القطر المصري وطبع طبعاً نفسياً حتى جبب مطالعته والأخذ منه لكل من لا ميل عنده لمثل هذه الموضوعات وناهيك بمن يحتاجون إليها في بلاد الشرق ولا سيما العثمانية والمصرية. والناظر في هذا السفر يعرف مصر وطرفاً مهماً من تاريخها السياسي والإداري والقضائي. خذ مثالاً لذلك ما أورده في امتيازات الأجانب وتعليلها قال: وسبب ذلك أن الحكومات الإسلامية اعتادت من قديم الزمان أن تتساهل مع المسيحيين الذين في بالدهم فأجازت لهم عدم اتباع الأحكام المرعية وتركهم يتقاضون في أحوال مخصوصة بحسب قواعد دينهم وقوانينهم. فمع شدة الاختلاط وتمكين العلائع ومضي الزمن أصبحت هذه العادة بمثابة القانون وأضحى هذا التسامح حقاً لهم لا يحتمل النزاع. هذا ما نتج عن مجرد التساهل ومحض التسامح على أن هناك ما بني على المعاهدات فإنه توجد معاهدة عقدت بين سلطان مصر صلاح الدين بن أيوب وجمهورية بيزا مؤرخة في ١٥صفر سنة ٥٦٩ (سنة ١١٧٢م) ستدل من عبارتها ومن المعادات التالية لها على أنه منح البيزانيين جملة امتيازات خاصة بالتقاضي والمملكة وقد حصل كذلك الفلونتيوم (الفلورنتيون والبيزانيون هم الطليان) من أبي النصر قائد باي سلطان مصر على عدة اتيازات قضائية بأمر أصدره في سنة ١٤٨٨ جاء فيه ما يأتي: إذا حدث خلاف بين الفلورنتين أنفسهم ليس لحكامنا وقضائينا المسلمين أن يتدخلوا في مسائلهم ولكن الحكم في ذلك لقنصل الفلورنتين فيحكم في هذه الحالة بما يناسب القوانين الفلورنتية.
ومما يلاحظ أنه حصل التوسع في العمل بهذه المعاهدات حتى عمت جميع رعايا الدول المسيحية الواحدة بعد الأخرى وبقي الحال كذلك إلى أن حلت الدولة العلية المحل الأول من