المسلمون اليوم ينقسمون إلى فرقتين كبيرتين أهل السنة وهي الأكثر عدداً والشيعة وهي التي تتلوها في الكثرة ولا يقل عدد ألفرقة الأولى عن مائة وخمسين مليوناً من النفوس كما لا يقل عدد الثانية عن تسعين مليوناً وينطوي تحت هاتين ألفرقتين فرق أخرى تابعة لإحدى الطائفتين وتفترق الشيعة فرقاً متعددة أكبرها وأشهرها والمتبادر معناها عند إطلاق اسم الشيعة والتي عليها المعظم في كافة الأقطار هي فرقة الشيعة الأمامية الاثني عشرية فمنها أكثر شيعة إيران وشيعة بلاد القفقاس وسائر البلاد الروسية وشيعة الصين ومعظم شيعة الهند والتركستان وبلاد التتر المستقلة وشيعة الشام وشيعة الحجاز والعراق وشيعة جبل عامل المعروفون بالمتأولة أما شيعة جبل عامل (المتأولة) فقد كانوا ولم يزالوا معروفين عند عامة الشيعة في الإفطار بالصلاح والتقوى وإن لجبل عامل اسماً مقروناً بالتكريم عند عامة الشيعة في أكثر البلاد النائية لما أنتج من العلماء العاملين الذين ضربوا آباط الإبل في نشر مذهبهم وافنوا الوقت بحثاً وتدريساً حتى أصبح الكثير من كتب الحديث وألفقه وأصول ألفقه مما يدرس في مدارس الشيعة في جماع الأقطار من مؤلفات علماء جبل عامل (المتأولة) وحسبك بالرحالة العلامة الشيخ بهاء الدين العاملي صاحب الصاحب الكشكول والخلاصة الحسابية وغيرهما الذي تولى وزارة إيران مدة من الزمن ثم هجرها حباً بالإفادة والاستفادة وبالشيخ علي بن عبد العالي الكركي العاملي المعروف بين مؤلفي الشيعة بالمحقق الكركي الذي تولى مشيخة الإسلام في إيران زمن الدولة الصفوية وكان الركن الأقوى في نشر مذهب الشيعة في بلاد فارس وبالشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المعروف بالشيخ الحر صاحب كتاب الوسائل الحديث والهداية وغيرهما حسبك بمن ذكرنا فخراً لجبل عامل وأما الشهيدان فقد كان لهما القدح المعلى في التأليف والتصنيف والمنزلى العظمى بين علماء الشيعة على الإطلاق وكذلك من خلف من بعدهم كصاحب المدارك وصاحب المعالم وأمثالهما.
بدء عهد الشيعة في الشام
مذهب الشيعة في بلاد الشام قديم يرجع إلى زمن الخلفاء الراشدين بل هو في سوريا أقدم منه في سائر البلاد حاشا الحجاز