للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أوضاع الدولة الفاطمية]

مقتبسة من الدروس التي يلقيها الشيخ محمد الخضري مدرس

تاريخ الأمم الإسلامية في الجامعة المصري

الصناعة والأسطول

الصناعة هي المكان الذي أعد لإنشاء المركب البحرية وهي بمصر عَلَى قسمين نيلية وحربية فالحربية هي التي تنشأ لغزو العدو وتشحن بالسلاح وآلات الحرب والمقاتلة فتمر من ثغر الإسكندرية وثغر دمياط وتنيس والفرما إلى جهاد الروم والفرنج وهي التي كان يقال لها الأسطول وأما النيلية فإنها تنشأ لتمر في النيل صاعدة إلى أعلى الصعيد ومنحدرة إلى أسفل الأرض لحمل الغلال وغيرها.

ولم يكن غزو في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الشيخين أبي بكر وعمر وكان عمر يكره الغزو فيه ويراه مخاطرة وكتب إلى عمرو بن العاص وهو عَلَى مصر أن صف لي البحر وراكبه فإن نفسي تنازعني إليه وأنا أشتهي خلافها فكتب إليه يا أمير المؤمنين إني رأيت البحر خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء وإن ركد حزن القلوب وإن أزل أزاع العقول يزداد فيه اليقين قلة والشك كثرة هم فيه كدود عَلَى عود إن مال غرق ون نجا برق. فقال عمر: لا والذي بعث محمداً بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً.

وأول غزو فيه كان في عهد عثمان وأول غاز معاوية بن أبي سفيان أذن له به عثمان عَلَى شرط أن وينتخب الناس ولا يقرع بينهم فمن اختاروا الغزو طائعاً حمله وأعانه وغزا عبد الله بن سعد أمير مصر سنة ٣٤ في وقعة ذات الصواري وكانت له. وكان ذلك سبباً لاهتمام المسلمين بإنشاء المراكب الحربية فبعث عبد الملك بن مروان لما ولي الخلافة إلى عامله عَلَى أفريقية حسان بن النعمان بأمره باتخاذ صناعته بتونس ومنها كانت غزوة صقلية في أيام زيادة الله الأول بن إبراهيم بن الأغلب عَلَى يد شيخ القنيا أسد بن الفرات.

قال ابن خلدون وذكر تعليل امتناع المسلمين ركوب البحر للغزو في أول الأمر والسبب في ذلك أن العرب لبداوتهم لم يكونوا أول الأمر مهرة في ثقافته وركوبه والروم والفرنجة لممارستهم أحواله ومرباعم في التقلب عَلَى أعواده مرنوا عليه وأحكموا الدربة بثقافتهم.