الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي هو محدث حافظ مفسر فقيه واعظ أديب قال فيه العليمي في طبقاته أنه أستاذ الأئمة حبر الأمة بحر العلوم سيد الحفاظ فارس المعاني والألفاظ فريد العصر قريع الدهر شيخ الإسلام قدوة الأنام علامة الزمان ترجمان القرآن قامع المبتدعين سلطان المتكلمين ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة لأنه وجد بخطه تصنيف له في الوعظ ذكر أنه صنفه سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وقال (ولي من العمر سبع عشرة سنة وكان يحزر مجلسه في الوعظ على الدوام بعشرة آلاف أو خمسة عشر ألفاً قال علي المنبر في آخر عمري كتبت بإصبعي هاتين الفي مجلد وتاب على يدي مائة ألف وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني اجتمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره سئل عن عدد مصنفاته فقال زيادة على ثلثمائة وأربعين مصنفاً منها ما هو عشرون مجلداً ومنها ما هو كراس واحد ولم يترك فناً من الفنون إلا وله فيه مصنف.
وقال بعضهم أنه كان يحضر مجلس وعظه مائة ألف أو يزيدون وهذا مبالغة لا يستطيع إنسان يوصل صوته إليهم ولا جامع أو ساحة أن تجمعهم والمقصود أنهم كانوا ألوفاً من المستمعين وقد قال عن نفسه أنه صنف وله من العمر ثلاث عشرة سنة وقيل عنه أنه كان يراعي حفظ صحته وتلطيف مزاجه وما يفيد عقله قوة وذهنه حدة وجل غذائه الفراريج والمزاوير ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات ولباسه الأبيض الناعم المطيب.
والمدهش من جملة كتبه ورد ذكره في قائمتها وهو في مجلدين مكتوب بخط مشرقيّ مشكول كله وقد دفعناه إلى صديقنا السيد عبد القادر المبارك فكتب عليه ما يلي:
من المخطوطات القديمة لابن الجوزي كتاب المدهش قال كاتبه في خاتمته كان الفراغ من نسخه في العشر الأوسط من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وسبعمائة جاء في مقدمته بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم.
قال شيخ الأمة وعلم الأئمة ناصر السنة جمال الدين فخر الإسلام زين الأنام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن الجوزي قدس الله روحه ونور ضريحه: الحمدلله الذي لا منتهى لعطاياه ومنحه حمداً يقوم بالواجب في شكره ومدحه وصلى الله على أشرف نبي وأفصحه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ما أستن طرف في مرحه (أما بعد) فإني قمت بحمد الله في علم الوعظ بأصحه وأملحه وآثرت أن أنتقي في هذا الكتاب من ملحه والله