عُني حضرة الأب لويس شيخو اليسوعي منذ برهة بإظهار فضل شعراء النصرانية في عهد الجاهلية وهو نعم العمل لو توخى في ذلك صراح الحق واتبع سنن التاريخ المسنون نقلاً ورواية. إلا أنه حفظه الله قد أخذ على نفسه أمراً هو في غاية الصعوبة والعنت ألا وهو تنصير بعض شعراء الجاهلية ممن لم يكن لهم من النصرانية حظ. فلا غرو أنه يعد هذا العمل من قبيل تنصير من كان على الضلال مبتغياً بذلك القربى والزلفى من رب العباد واكتساب الأجر والثواب في الدنيا والمآب. غير أنك
لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي
ويا ليته وقف عند هذا الحد وكأنه لم يجترئ بذلك فأخذ الآن بحل قيد من تقيد بدين وإجباره على النصرانية قبل أم أبى. كما فعل هذه السنة بالسموأل إذ أجبره وهو بين الأموات على إنكار دينه وانتحال النصرانية له. فلا جرم لو أمكن للموتى أن ينطقوا لكان أول نطق السموأل إنكار هذه الفعلة الشنعاء وهذا القهر المنكر: وإذا سألتني متى فعل حضرة الأب هذا الفعل؟ قلنا: فعل ذلك عند عثوره على قصيدة تُنسب إلى صاحب الأبلق الفرد (المشرق ٩: ٤٨٢ و٦٧٤) وقد زاد عليها بعض النصارى بيتاً أو بعض أبيات لإيهام القارئ أنه كان على النصرانية. وهذا ما حدا الأب إلى أن يقول في (المشرق ٩: ٦٧٥).
نشكر حضرة مراسلنا الذي أطلعنا على روايات هذه القصيدة. وكنا وددنا لو زادنا علماً عن النسخة التي أخذ عنها لتعريف قدمها وخواصها. وإن كان البيت الأخير صحيحاً صدق ظننا السابق بأن السموأل نصراني لا يهودي لاسيما أن أصله من بني غسان وبنو غسان نصارى اه
قلنا: نقلنا كلام الأب برمته ليطع عليه القارئ الحكم العدل ويعرف قوة براهينه وحججه. أما قوله: إن كان البيت الأخير صحيحاً صدق ظننا السابق بأن السموأل نصراني. قلنا: ونحن نقول مثله غير أنه لسوء الحظ خطته يدٌ أثيمة فحطته هذا المحط ومن هذا يظهر أن الناظم النصراني الكاذب لم يراع انتقال الرموز شيئاً بعد شيء لتنتهي إلى ظهور المسيح بل هجم على الموضوع دفعةً هجوم الذئب الجائع فوقع على فريسته وفراها بأنيابه إلا أن الغير وقعوا عليهما أيضاً فأظهروا خيانته.
وأما قول الأب: ولاسيما أن أصله من بني غسان وبنو غسان نصارى فهو قول لا يسلم به