من الانقلابات السياسية الخيرة مناداة الأحرار في مملكة البرتقال بالجمهورية والقضاء على الملكية فأصبحت هذه الجمهورية ثاني جمهورية في أوربا ومنذ سنين لم يبايع بجمهورية مهمة في ممالك الأرض إلا في برازيل فكأن هذه المملكة وكانت في القديم تحت حكم البرتقاليين بدأت بنزع الملكية فحبت أمها الأصلية أن لا تقصر عنها في المطالبة بالحرية.
فعم تغلب الأحرار أو الحزب الجمهوري على المحافظين بعد اضطرابات دامت سنين أدت إلى مقتل الملك كارلوس منذ نحو سنتين وعين ابنه عمانويل خلفاً له وها قد هاجر بلاده في الفتنة إلى جبل طارق مخافة أن تتناوله الأيدي بأذى كما تناولت من قبل أباه.
ولما كانت للبرتقال صلة قديمة بممالك الشرق الإسلامي وحكومات العرب وكان هذا الانقلاب من الانقلابات التي لها علاقة كبرى بالتاريخ والاجتماع رأينا أن نأتي بنبذة قليلة من أحوالها السياسية والطبيعية عسى أن تكون منها بعض فائدة فنقول:
البرتقال مملكة في الجنوب الغربي من أوربا يحدها من الجنوب والغرب البحر المحيط الأتلانتيكي أو بحر الظلمات ومن الشرق ومن الشمال مملكة إسبانيا ومنها ومن هذه المملكة تتألف شبه جزيرة أيبريا وتبلغ مساحتها السطحية ما عدا جزائر آمور ومادير ٨٨٩٥٤ كيلومتراً مربعاً وسكانها نحو ستة ملايين وعاصمتها لشبونة.
ولا تفصلها عن إسبانيا تخوم طبيعية كأكثر الممالك وفيها أنهار جارية وجبال عالية وأعلى قممها الجبل المسمى رياسكا يبلغ ارتفاعه ١٥٧٨ متراً وحرارة البلاد معتدلة تتجاوز في الصيف في مدينة قلمرية قويمبرا ٣١ درجة وأمطارها غزيرة في الشتاء قليلة في الصيف وأنهارها حسنة جارية في الجملة وأعظمها ما ينبع من أرض إسبانيا ومنها ما يجري في أرض البرتقال.
وأصول سكان هذه البلاد مزيج من عناصر وشعوب كثيرة فمنهم سلتيون وإيبيريون ولاتينيون وسويفيون وفزيغوتيون وكثير من المغاربة والإسرائيليين وبعض الزنوج ففي لشبونة والكراف تقرأ إلى الآنفي سحنات البرتقاليين السواد مما يستدل على كثرة من كانوا يحملون من الزنوج إلى لشبونة خلال القرن السادس عشر (١٠ إلى ١٢ ألف زنجي كل سنة) وكثير من أهل البرازيل. والدين الرسمي في البلاد الكثلكة أما سائر الأديان فالظاهر أنها حرة يتسامح مع أهلها.