نشر المسيو كاباتون ن علماء المشرقيات بحثاً إضافياً في مجلة العالم الإسلامي الباريزية جاء فيه ما تعريبه: كتب لإسبانيا من دون ساتر بلاد أوربا أن تكون مبعث أشعة التمدن الإسلامي وكهف اللغة العربية على حين ليست هذه الشبه الجزيرة متصلة من حيث موقعها الجغرافي بالشرق الإسلامي مباشرة كما هي حال الممالك البلقانية واليونان مثلاً. وأقرب البلاد بها مساساً وأقربها منها حمى بلاد أفريقية التي كانت منذ قرون ثانوية في النشوء الإسلامي فشغلت إسبانيا مكانة عظمى في تاريخ الإسلام أكثر مما جاور آسيا الصغرى من بلاد الطونة واليونان التي لم تشهد من الإسلام إلا العهد الموغل في التوحش الكثير الفتن القليل المنافع ونعني به عهد الأتراك على حين ذاقت إسبانيا أجمل عهود الإسلام وأخصبها وأعني به عهد العرب فتأصلت مدنيتهم في إسبانيا وأزهرت فيها أي إزهار.
فتح طارق بن زياد وموسى بن نصير إسبانيا من سنة ٧١١ إلى ٧١٤ وكانت مستعدة لهذا الفتح لأن الفوضى كانت رافعة عليها أعلامها فاستولى العرب على عرش تلك البلاد من ملكها رودريك الذي هلك في المعركة وأظهر الأشراف ورجال الدين من الإسبانيين من الجبن والنذالة شيئاً كثيراً فهربوا من إشبيلية وقرطبة عندما سقطتا في أيدي العرب ولم يفكروا في الدفاع عنها وبلغ بهم الخوف في طليطلة أن بعضهم هرب إلى غاليسيا ومن رجال الدين من لم يقفوا إلا في رومية لأنهم كانوا يخشون على حياتهم وأموالهم على أن حكومة إسبانيا إذ ذاك كانت مكروهة من العبيد واليهود لأن هؤلاء كانوا مضطهدين. خدم العبيد باديء بدء الدولة الإسبانية قبل دخول العرب ثم قلَّ إخلاصهم لها حتى أن قرطبة سلمها للعرب راهب من العبيد وتمت على أيديهم خيانات أخرى. وكان اليهود أكثر ضرراً على حكومة إسبانيا الغربية ولا يتأتى تقدير عددهم بالتدقيق بل هم فيما يظهر عنصر مهم للغاية انتشروا في قرطبة وإشبيلية والبيرة وغرناطة وطليطلة وغيرها من المدن ولا سيما لوسنا.
وكان اليهود في الأندلس على جانب عظيم من الغنى وحسن معرفة بالتجارة وأرقى علماً من جيرانهم واستحكمت بينهم الصلات حتى أصبحوا حكومة وسط حكومة فخاف الملك ورجال الدين الكاثوليكي من امتداد سلطانهم وأخذوا يضطهدونهم بتحامل شديد فربي الخوف والاضطهاد في نفوسهم البغضاء وحب الانتقام. وفي سنة ٦٩٤ قبل مجيء طارق