نشر المسيو هنري ماركزالي من أساتذة كلية بودابست مبحثاً في الحرب العامة في نظر التاريخ في مجلة التي تصدر بالفرنسية قال بها ما نعر به بما يأتي: قال القائد كلوزفيتز أحد أساتذة فن الحرب الحديث: الحرب هي السياسة بالسلاح. ونحن هنا نبحث في سياسة الممالك المتحاربة إلى يوم نشوب الحرب ونبين ما بين الأمم المختلفة من المصالح والأهواء التي دعت إلى هذه الحرب وأطالت مدتها. وقد رأينا الجماعات هذه المرة قد قضت بالحرب لا الأفراد مهما بلغ سلطانهم وعظمتهم. وبعد فلا يخفى أن الحرب نشبت رغم إرادة القيصر أكبر ملك يدعي أن سلطته من الله ولقد تنبأ مولتكه بأن الأمم هي التي ترغب بالحرب لا الوزارات وما حدث فإنه نتيجة نشوء تاريخي وسلسلة كوائن وأول هذه الحوادث حرب فرنسا وألمانيا سنة١٨٧. - ١٨٧١وهي الحرب التي أضاعت فيها فرنسا ولايتي الألزاس واللورين اللتين كانت افتتحتهما بالسيف وقلبت كيانيهما وفرنست سكانهما ودفعت فرنسا فوق ذلك غرامة باهظة ولم تعد أول مملكة أوروبية كما كانت وظل جرحها دامياً وما برحت العداوة الفرنسية الألمانية العامل الدائم في الحالة الأوروبية. وقد حاول الألمان أن يسلو تلك السخائم والعداوات من صدور لفرنسيس وحاول أناس من رجال السياسة ومن أشهرهم غامبتا ألفرنساوي أن يعيدوا الألفة بين الشعبين ولكن أخفقت جميع مساعيهم لأن أبرة هذا الانتقام ظلت متأصلة في الجرح. خرجت روسيا بعد الحرب ألفرنساوية الألمانية من قيود الاحتياط التي علمتها إياها حرب القويم ولم تبصر أمامها أوروبا كما كانت حالها من قبل وأخذت تحمي الدولة العثمانية وكانت هذه ضعفت وأختل نظامها على عهد السلطان عبد العزيز وأعلنت روسيا أنها لا تعترف بمعاهدة باريز (١٨٥٦) التي كانت تحظر عليها أن تنشأ أسطول حربي في البحر الأسود وعادت تبعث آمالها القديمة من مرقدها لامتلاك المضيقين والعبث بالأملاك العثمانية وكانت إنكلترا والنمسا والمجر في مؤتمر لندر تقاومان هذه الدعوى وحدهما ولئن وصف الملك غليوم عمل القيصر بأنه الضربة القاضية فلأن المحالفة الروسية كانت أساس السياسة البروسية فأخذت بروسيا تنشأ أسطولا بحرياً في البحر الأسود ثم جددت هممها وتوسعت في ميولها لتقوية دعائم المملكة العثمانية واستعملت لذلك طريقتين فكان الكونت أغناتيف سفير روسيا يسيطر على السلطان الذي كان يبدي ضعفا وقلة خبرة ويوهمه بأنه هو الصديق الحقيقي له