للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفحة من تاريخ مصر]

معربة عن مجلة الاكونومبست أوربيين الفرنسية للمسيو ادمون تيري

يبتدئ تاريخ مصر الحديث من عهد محمد علي مؤسس الإمارة الخديوية الحاضرة ومحمد علي هذا ولد في الروم أيلي وهو رجل شجاعة وفرط ذكاءٍ سعى فوفق إلى أن ينصب والياً على القاهرة وحاكماً على القطر المصري سنة ١٨٠٥ وذلك بمساعدة المماليك الذين أبادهم بعد ست سنين من استلامه أزمة الحكم عندما طمح هؤلاء النبلاء بعد أن كانوا عبيداً وأجناداً موصوفين بحب السلب والنزوع إلى الفتنة في تهديد قوته.

بلغت مصر على عهد قدماء ملوك المماليك التركمان والجراكسة (١٢٥٤_١٥١٧) أرقى درجات الحضارة الشرقية ولكن كان الشعب يؤدي المغارم بطريقة وحشية قاسية ولم يكن حكمهم الذي دام ٢٦٣ سنة سوى سلسلة طويلة من الحروب الأهلية والمؤامرات وانقلاب في أحوال القصور وجرائم وجنايات يباع فيها الدم بيع السماح. حتى أن السلطان سليم الأول العثماني لما استولى على مصر سنة ١٥١٧ رآها وقد استحكمت فيها الفوضى المطلقة فجعلتها خراباً يباباً.

ولم تكن البلاد على عهد الفتح العثماني (١٧٩٨_١٥١٧) أسعد منها على عهد المماليك الذين عادوا بعد قليل واسترجعوا نفوذهم القديم وإليك ما قاله نابليون الأول في وصف هذا الدور الذي دام ٢٨١ سنة وذلك نقلاً عن مفكراته على الحملة المصرية:

أبقى السلطان سليم أربعين ألف جندي حامية تحفظ البلاد التي افتتحها وقسمهم إلى سبعة فيالق وكان الستة منها مؤلفة من العثمانيين والسابعة مؤلفة من المماليك. وجمع لذلك كل من سلم من أيدي هؤلاء. وعهد بإدارة البلاد لباشا وأربعة وعشرين بيكاً ولجماعة من الأفندية وإلى ديوانين وكان أحد هؤلاء البكوات الأربع والعشرين قائم مقام الباشا ونائبه ولقد كثر عدد فيلق المماليك وهو مؤلف من أجمل الرجال وأشجعهم وأخذت الفيالق الستة بالضعف ونزل عددهم بعد قليل إلى سبعة آلاف جندي على حين بلغ المماليك وحدهم زهاء ستة آلاف. وفي سنة ١٦٦٦ أخذت الفوضى يدب دبيبها في كل رجا وزحزح العثمانيون عن القلاع والمعاقل فاستولى المماليك على كل شيء ودعي رئيسهم شيخ البلد. ثم أخذ القوم ينفرون من الباشا ويحتقرونه فنادى علي بك شيخ البلد سنة ١٧٦٧ بالاستقلال والاستئثار