اهتم العالم المتمدن في الأيام الأخيرة بتعليم العميان إذ رأى علماء الاجتماع أنهم يصلحون لأعمال كثيرة لا يصلح لها أغلب المبصرين وذلك مثل التوقيع على آلات الموسيقى والغناء وغيرهما من الفنون الجميلة. وليس تعليم العميان في الغرب بعيد العهد كثيراً بل يرد عهده إلى النصف الأخير من القرن الثامن عشر. فقد أسست سنة ١٧٨٤ في باريس أول مدرسة للعميان وكانت قراءة التلامذة في هذه المدرسة باستعمال الحروف البارزة. وفي سنة ١٧٨٦ عرض فالانتين هاي الذي اشتهر بحب الإنسانية في خدمة بني جنسه تلامذته على الملك لويس السادس عشر وحاشيته في بلاط فرسايل. وفي تلك السنة نفسها نشر مقالة في تعليم العميان شرح فيها طريقته. ولكن هاي لم يكن غنياً وحدث أن نضب نبع عطاء الكرام فعجز هاي عن إتمام عمله فقررت الحكومة الفرنسية أن تأخذ المدرسة تحت حمايتها لتنفق عليها من ماليتها وكان ذلك في سنة ١٧٩١.
وقد أخذت بلاد الإنكليز من فرنسا تلك الطريقة الشريفة فأسست في إنكلترا مدرسة العميان بليفربول وملجأ العميان في ادنبرج ومدرسة العميان في لندن وغير هذه في بلفاست ودوبلين ويورك. وفي سنة ١٨٦٨ أسس الدكتور ارمتياج جمعية معاونة العميان وكان غرض هذه الجمعية ترقية تعليمهم فأسست المدرسة الملوكية لتعليم الموسيقى وكان الغرض من تأسيس هذه المدرسة ترقية تعليم فن الموسيقى لأنه كان الفن الوحيد الذي برع فيه العميان لسهولة تعليمهم إياه وقد نجح في هذه المدرسة ٨٩ في المائة وكلهم اليوم في مكنة من الكسب والتعيش بصنعتهم. وقد رأى القائمون أمر هذه المدرسة أن أهم شيءٍ في تعليم العميان هو تقوية أجسامهم وتربيتهم تربية بدنية عقلية وذهب بعضهم إلى أن العمى ليس هو السبب الوحيد في خيبة المصابين به بل السبب في خيبتهم إنما هو خمولهم وضعف الإرادة والعزم فيهم فأدخل في هذه المدرسة كثيراً من الألعاب الرياضية كالمشي والعدو والطعن والسباق وركوب الدراجة والتجديف والانزلاج على الثلج. وكان التهذيب العقلي يشمل تقوية الفكر وتنمية قوة الملاحظة والذاكرة وتنبيه الميل إلى الدرس والمطالعة والتمرين على النطق بالتأني مع قلة الكلام. وفرض على كل طفل أعمى أن يتعلم فن الكتابة على آلة الكتابة المسماة تيبرايتر ويختص البنات بتعلم الخياطة والحياكة وصنع الحلل.