[مثنيات شعرية]
أشر فعل البرايا فعل منتحر ... وافحش القول منها قول مفتخر
إن التمدح من عجبومن أشرٍ ... والمرء في العجب ممقوت في الأشر
يا راجي الأمر لم يطلب له سبباً ... كيف الرماية عن قوس بلا وتر
ليس التسبب من عجز ولا خورٍ ... وإنما العجز تفويض إلى القدر
دع الأناسي واسنبني لغيرهم ... إن شئت للشاء وإن شئت للبقر
فإن في البشر الراقي بخلقته ... من قد أنفت به أني من البشر
ألبس حياتك أحوال المحيط وكن ... كالماء يلبس ما للظرف من جُدر
وإن أبيت فال تجزع وأنت بها ... عارٍ من الأنس أو كاسٍ من الضجر
إن رمت عزّاً على فقر تكابده ... فاستغن عن مال أهل البذخ والبطر
فإنما النفس ما لم تنأ عن طمع ... فريسةٌ بين ناب الذل والظفر
إذا نظرت إلى الجزئي تصلحه ... فارقبه من مرقب الكلي في النظر
فإن نفعك شخصاً واحداً ربما ... يكون منه عموم الناس في الضرر
قد يقبح الشيء وضعاً وهو من حسن ... كالنعش يدهش مريء وهو من شجر
فالقبح كالحسن في حكم النهى عرض ... وليس يثبت إلا عند معتبر
لا تعجبن لذي عقل يروح به ... لينتج الشر خبراً غير منتظر
فإنما لمعات الخير كامنة ... بين الشرور كمون النار في الحجر
سبحان من أوجد الأشياء واحدة ... وإنما كثرة الأشياء بالصور
هب منشأ الكون يبقى مبهماً أبداً ... فهل ترى فيه عقلاً غير منبهر
الحب والبغض لا تأمن خداعهما ... فكم هما أخذا قوماً على غرر
فالبغض يبدي كدوراً في الصفاء كما ... أن المحبة تبدي الصفو في الكدر
وأشنع الكذب عندي ما يمازحه ... شيءٌٌ من الصدق تمويهاً على الفكر
فإن إبطال هذا في النهى عسرٌ ... وليس إبطال محض الكذب بالعسر
قالوا عشقت معيب الحسن قلت لهم ... كفوا الملام فما قلبي بمنزجر
ما العشق إلا العمى عن عيب من عشقت ... هذي القلوب ولا أعني عمى البصر
قالوا ابن من أنت يا هذا فقلت لهم ... أبي امرؤٌ جده الأعلى أبو البشر