قال لنا منذ مدة أحد أعيان دمشق أنني اضطررت لضائقة أصابتني أن أبيع عقارين من عقاراتي أفتدري من كان يزيد فيهما؟ قلنا لا ندري. قال كان يزيد فيهما لا يتصور العقل أن عندهم قوت شهر واحد أناس يلبسون خلق الثياب ولا تعدهم من كبار السوقة بل من صغار المرتزقة أما من كان يظن أنهم سيتلقفون ذينك العقارين فلم يساومونا عليهما بفلس واحد لأنهم لا نقد عندهم وربما كان تقدير الناس لأموالهم هم دون الحقيقة بمراحل.
واجتمعا في المساء بمجلس غاص بالمفكرين وأربابا التجار فقص علينا أحدهم. أن المزرعة الفلانية التي يراد بيعها في الغوطة قد انتهى ثمنها إلى عشرين ألف لبيرة على يد رجل لم يكن يظن أنه يملك معشارها من الثروة حتى قال أنه يدفع قيمتها حوالة على المصرف دفعة واحدة ثم اجتمعت آراء الحضور على أن ثروة دمشق قد زادت في العشر سنين الأخيرة زيادة محمودة بداعي الأموال الطائلة التي بذرتها فيها إدارة السكة الحجازية وهي لا تقل عن مليوني ليرة وإدارة الترمواي الكهربائي الذي أنفق نحو مائتي ألف ليرة وما أعقب قرب المواصلات من ورود السائحين والحاجبين إلى دمشق ذاهبين منها وجائين وما نقلته السكك الحديدية من غلات البلاد القاصية فقدر ما حم لته سكة حوران وحدها من الغلات في العام الفائت بثمانين ألف طن والطن أربعة قناطير دمشقية وثمنها يناهز المليون ليرة وما نقلته سكة حديد حماة بخمسة وأربعين ألف طن هذا عدا ما نقلته الخطوط الأخرى وحمل على متون الدواب والجمال من الغلات والثمرات حتى عمرت بذلك قرى حوران وكانت خراباً يباباً منذ بضع سنين وغدا الحوراني اليوم يلعب بالليرات كما يلعب جاره الفلاح المصري بالجنيهات هذا في إقليم واحد من أقاليم بلاد الشام وفلسطين وولاية بيروت وحلب وسورية مقاطعات لا تقل في خصبها وأمراعها عن حوران ولكنها لم تشتهر شهرتها وأصبح أهلها بفضل المواصلات والحركة التجارية الجديدة في سعة من العيش تزيدهم كما زادتهم الحكومة أمناً ووفرت لهم مرافق الحياة.
قالوا وهذه النهضة الاقتصادية في دمشق خاصة لأنها قاعدة هذه البلاد والنقطة الوسطى منها وباب الكعبة ومقر الفيلق ومركز الولاية قد استمتع بخيراتها المقاولون والنجارون والحدادون والبناؤن والحجارون والجمالون والعملة والتجار وأرباب الفنادق والمطاعم والعربات فتسربت الدراهم والدنانير إلى جيوب أرباب الطبقة الوسطى فمن دونها واغتنى