أفضنا في السنة الأولى للمقتبس (ص٣٠و٤٠و١١٠) في الكلام على ترجمة الوهراني ونكتة وكتابة وهو أحد أدباء عصر صلاح الدين وقد ظفرنا في الجزء الثالث عشر من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري من مخطوطات دار الكتب الخديوية بمصر على ما يأتي بشأن شكوى الجوامع في دمشق من سوء حالة الأوقاف في أيامه قال: الوهراني ليب أخترع طريقاً، وأفنزع عذراء لم تك رحيقاً، طلعت شمسه من المغرب ولم يغلق للرحمة باب، ولا كانت من مقدمات النذر للألباب، وقد والدولة الصلاحية قد استعلت، ويد تصرفها على البلاد قد استولت، والمجلس الناصري معمود باللإجلاء مأهول بالقاضي الفاضل وأقرانه من الفضلاء، وريح الأدب قد هبت، ووفود الخواطر إلى تلك المشاعر قد لبت، والحظ الفاضل قد أخذ معه حظ كل فأخذ ما للكل ولم يترك لهم إلا الفاضل، وكان يغر على كل بيت فكر ويرى أن لا نصيب لغيره على محياه حذر، وكان الوهراني لوذعياً تحميه لألأوه، والمعيا تريه البصيرة آراؤه، فخاف نفثات ذلك الصل، وعبثات ذلك السيف الذي لا يكل، فمال إلى السحف، إذ كان لا يحد على تلبيه ولا ينافس في ترديه وتحليه، وجعل هذا سبباً لإظهار ما عنده من الإحسان، وتكلم ولم يخف عثرة القلم ولا زلة اللسان، فرفرف عليه جانب من الحنو الفاضلي، ورق عليه كما يرق غسق البابلي، وهنيت له نغبة من العيش قدر عليه رزقها وقرر له رفقها، وولي خطابة المسجد الجامع بداريا، وقيل له الآن أنت وحي ليلى وأدر ريا، وكان إلى هذا ليس له من حاظ الدين ما يزعه، ولا من حاضر العقل ما ينزعه، فرداه سوء التجري من شاهقه وألقاه عدم التحري لقى لبوائقه، وأطلق لسانه فعثر في طلقه، وكبه في طبقه، وتخرص المنام الذي أتى فيه بالأكاذيب، وحسن باطله بحسن الترتيب، وذكر فيه الملائكة الكرام، وانهتك عرض السلف الحرام، وغير ذلك من كباره التي لا تطاق، ومنكراته التي لا يصبر عليها، وقد ذكرت بعضها هنا وإنما ذكرته لئلا أخلي هذا الكتاب منه، وهو من المسموع بهم والمسئول عنهم، وأنا استغفر الله مما ذكرت من دده، وأوردت من أباطيله، وعقدت البيان على القلم حين تسطير أضاليله، وإن كنت لم أوردها كالصد (؟) الحالي، وأنا فيه ناقل لا قائل ومن الله العصمة وبه السلام.
ومن نثره الرقعة التي له عن جامع دمشق، لما حكمت يد الضياع، في مساجد الضياع وارتج باب العدل وغلق، ونبذ كتاب الله وحلق، فزعت المساجد إلى جلق، وهو يومئذ