للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصيح والعامي والعامي الفصيح]

من مبحث لنعوم أفندي مكرزل صاحب جريدة الهدى اليومية في نيويورك.

ليس في اللغة العربية معجم واحد يستحق أن يدعى نجعة الرائد يوفر الشواهد وكثرة الفوائد وضبط الشوارد ولا في غير اللفظة ما يدل على إزالة الإبهام وكشف الغامض بإيراد أبيات فحول الشعراء وعبارات بلغاء المنشئين على صحة الكلمة والعبارة كما نرى في وبستر في الإنكليزية وليتره في الفرنساوية فترى أكثر الكتاب يتخرصون في ما لا يعذرون عليه ويتوهمون أن البيان في الدخيل والحوشيّ والبلاغة في العقيم والوحشيّ وأن كل من هرف عرف.

افللغة في حاجة إلى معجم تقام على كل حرف منه شواهد شعرية ون ثرية يسلم معها الذوق ويستقيم ويرد الكلام المدعو عامياً إلى أصله الفصيح ويعدل عن التقعر إلى السهل المقبول.

قد تهتأ ثوب اللغة حتى كاد يسقط من تقطعه فترى كل من تحيف بيانه عجمة وجدل عن ادعاء ومكابرة يتحف الفصيح ويستلب البليغ ويحرك خشاشه غضباً على كل ملك من اللغة عناناً وضبط لها بياناً ويكون لا يدري من أي الدهداء هو ولا يعرف له في عالم الأدب أصل أو فصل ولكنه يتوهم أن كل كلمة يقرأها ولا يفهم معناها تكون من الحوشيّ والوحشيّ!. وإن كل ما تداولته السنة العامة ساقط ي \ جب الترفع عنه وتكون الكلمة التي لا يفهمها من ابلغ ما جرت به أقلام المنشئين والشعراء إلا أنه لم يطالع ليعلم ولا تحرى ليفهم ويكون بعض ما تداولته السنة العامة من بقايا فصح اللغات العربية التي اعتورها التصحيف والتحريف وقليل من البحث يرجعها إلى أصلها ويقيم من اللسان مناداه على ما وقع من نحو خمسين عاماً أو اليوم إذ توكف المجتهدون أثر بلغاء العربية الأقدمين وتنشطوا للبحث والتنقيب وأقبلوا على التدقيق والتحقيق وقد ترجع مثابرتهم اللغة إلى رونقها الأول بعد خمسين عاماً تأتي.

وليس لنا حتى في مدارسنا الوطنية أثر للوطنية فترى في كل مدرسة سورية قد أوجبت على تلامذتها التخاطب بلغة غريبة عنهم حتى عند أول دخولهم بابها فيتسرب العقوق وشيءٌ من البله إلى قلوب وعقول هؤلاء الأولاد المساكين ويكون القائمون على تهذيبهم وتدريبهم من خونة الوطنية ومجرمي الآداب إذ كيف يعقل أن طالباً لا يفهم من الفرنساوية