كتب الإفرنج كثيراً على الإسلام والمسلمين منذ دخلت العلوم عليهم واشتدت حاجة اجتماعهم واقتصادهم إلى معرفة ما عند الأمم المجاورة لهم ولكن معظم ما كتب لا ينم عن تحقيق. كتب من حاضر الوقت وما وجد للحال تحت اليد فجاء مختلاً من عدة وجوه وبين أكثره وبين الحقائق هوىً سحيقا زادها هوى النفوس وسرائر التعصب في تلك الأيام ولما قوية الإستشراق أو تعلم علوم المشرقيات بين الغربيين أخذ كلامهم على الإسلام وأهله يقرب من الحقيقة خصوصاً إذا كان الكاتب ممن لا ينطق عن غرض سياسي كما فعل سيديليو الفرنساوي في كتابه تاريخ العرب وفعل بروكلمان الألماني في كلامه على تاريخ آداب اللغة العربية وكما فعل بعض علماء المشرقيات من الألمان والنمساويين والمجريين والهولانديين والسويسريين وغيرهم.
أمامنا الآن أمتع مؤّلف كتبه أهل الغرب عن المسلمين وبلادهم حتى هذا العصر وهو دائرة المعارف الإسلامية ظهر أولاً نموذجات منه باللغة الألمانية لأنها لغة العلم على الأكثر في أوربة الوسطى وبلاد السكاندنافيا وهولاندة فلم يسع فرنسا إلا أن توسلت بإخراج هذا العمل بلغتها أيضاً ونفحت الطابع مبلغاً من المال وكذلك فعلت انكلترا وها قد مضى ثماني سنين ولم يصدر من هذا الكتاب النفيس سوى عشرين كراساً وقع منها سبعة عشر في ٩ صفحة بدئت بحرب اوانتهت بحرف الثلاثة الباقية وقعت في ١٩٢ صفحة وهي في حرف وصل إلينا منها إلى قبيل الحرب مقالة كل بابا البكداشي.
موضوعات الكتاب كلها منتقاة يكتبها عشرات من علماء المشرقيات المشهود لهم بسعة العلم وفضل العمل أو من طبقة ثانية منهم تلاحظ الطبقة الأولى ما يكتبون وكل من كتب مقالة أو مبحثاً ذيله باسمه ليكون ذلك أقرب إلى الثقة ولا يخلط المؤلف في شيء سيتناقل عنه. والكتاب معجم أو قاموس في جغرافية بلاد الإسلام وأصول شعوبها وتراجم رجال الأمة الإسلامية فترى كل موضوع وقد عهد إلى الأكفاء في تحبيره وتحريره مستوفىّ من كل وجه وفي أسفله المصادر التي نقل المؤلف منها والكتب الإفرنجية أو الشرقية التي أعتمد عليها.
ومن أهم المقالات في هذه الدائرة الكبرى مقالة مصر وأفغانستان وجزيرة العرب والأندلس وأرمينية والبربر والفقه وغير ذلك من تراجم أعيان الأمة في القديم والحديث والتوسع في