للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الشرطي والورق]

اللغوي إذا عثر على لفظة وقف على أصلها ومعدنها ومأتاها يقر عيناً ويطيب نفساً ويثلج صدراً كأنه وقع على كنزٍ ثمين. ومن أغرب الأمور أن المستشرقين يبذلون شطراً صالحاً من أوقاتهم لتتبع معرفة أصول جميع الكلم السامية ولا سيما العربية. ولا نرى من أبناء العرب من يعني بمثل هذا الأمر؟ وإذا رأيت نفراً يكتبون في هذا الموضوع من الناطقين بالضاد فلا تراهم يخرجون عما جاء في كتب الأجداد الأولين ولا يوردون من الكلام إلا ما تناقله الخلف عن السلف بدون أن ينتقدوا كلام القائل ولا ينعموا النظر فيه إذا كان مصيباً في رأيه هذا أو مخطئاً فترى كتبنا اللغوية الحديثة لا تخرج عن كتب الأقدمين ولو تقدم هذا العلم عند باحثي الإفرنج من اللغويين المستشرقين تقدماً عظيماً وظهر بمظهر النور في الدياجي.

فإلى متى نبقى في هذه الحالة المفزعة في قالب الجمود أو الخمود والركود؟ ألم يحن الآن الذي نكسر فيه قيود الأسر والرق ونطلق نفسنا من هذه السلاسل الضخمة التي بقينا راسفين فيها إلى يومنا هذا؟ بلى. لقد حان بل لقد فات الوقت كما فاتنا في أمور جمة ونحن في غفلة عنها وذهول.

على أن بعض كتاب العصر أخذوا يتابعون علماء الغرب المولعين باللغات الشرقية في أبحاثهم وآرائهم ومذاهبهم وهبوا يجارونهم وأي مجاراة حتى كادوا يفوقونهم في بعض الأبحاث. بيد أن بعضهم قاموا يقلدونهم تقليداً أعمى حتى أنهم إذا رأوا أن غريباً قال بقول من لم يعد الشرقي يتجاسر على مخالفة رأيه ظناً منه أن الإفرنج إذا أوتروا القوس أغرقوا فيها ولا يتركون لمن ينزع فيها من بعدهم منزعاً كما لا يبقون له منزعاً. وهذا وهم ظاهر لكل ذي عينين إذا ما أراد أن يتروى في الأمر أدنى تروٍ.

هذا ولنا نحن عدة شواهد إثباتاً لقولنا هذا. وهي وإن كان يطول سردها جميعاً إلا أنه لا يجدر بنا أن لا نذكر منها بعضاً إثباتاً لقولنا وإظهاراً للحق. فهذه كلمة شرطي أو شرطة فإن اللغويين قد ذهبوا فيها مذاهب. فمنهم من قال بأنها عربية فصحى ومنهم من أنكر أصلها هذا وجماعة ذكرت أنها من معدن رومي أو لاتيني ومنهم من خالف هذه الآراء وها نحن ذا نورد بعض الشواهد.

قال في القاموس: الشرطة بالضم واحد الشرط كصرد وهم أو لكتيبة تشهد الحرب وتتهيأ