فن الموسيقى من الصنائع الجميلة التي تضعف في كل أمة بضعفها وتقوى بقوتها. ولقد كان العرب أيام حضارتهم يعنون بها كما يعنون بالشعر والأدب والتاريخ والفلسفة وعلوم الطبيعة وكان بعض العلماء في أمهات المدن لا يتحرجون من الغناء ولا يرون الضرب على العيدان والأوتار وسائر آلات الطرب حطة في قدرهم وثلماً لشرف وقارهم. ولما رغبت الأمة عن العلم أياً كان نوعه وزهدت في الضروري من المعارف دع عنك الكمالي أخذ معظم الناس يحتقرون الغناء والموسيقى ومن يتعاطاهما ولا ذنب بعد الجهل.
ولقد ألف الموسيقار الفاضل كامل أفندي الخلعي من مشاهير أرباب هذا الفن في مصر كتاب الموسيقى الشرقي فعرف القوم فائدة هذا الفن ومركزه من المجتمع وما إلى ذلك من وصف الألحان وآلات الطرب ورسومها ومشاهير المطربين والموسيقيين في مصر هذا العصر مشفوعة بصورهم فجاء كتابه غاية ما يكتب لمؤلف في فنه من الإجادة بحيث أصبح المرجع في كل شاردة ونادرة في هذه الصناعة الجميلة الشريفة.
أجاد المؤلف أثابه الله في وضع تأليفه كما أجاد في طبعه وإتقان صنعه فجاء في زهاء مائتي صحيفة كبيرة القطع على أجود ورق وألطف حرف وهو يباع بعشرين قرشاً مصرياً ويطلب من جميع المكاتب الشهيرة بالقطر فنثني على المؤلف لما عاناه من التعب في وضع مصنفه ونحث كل أديب على مقتناه فهو زينة المكاتب والقماطر ومن كتب العلم الحقيقي النافع.
نظام العالم والأمم
للعالم الأديب الشيخ طنطاوي جوهري طريقة تكاد تكون خاصة به من مزج العلوم الحديثة بالعلوم القديمة وتطبيق المعقولات على المنقولات وقد وضع فيها عدة كتب ومنها هذا الكتاب الذي جعله على خمسة أبواب الأول في الرياضيات وما يتبعها والثاني في الفلك وما يتصرف عليه والثالث في نظام الأرض وما إليه والرابع في عجائب النبات والخامس في نظام الحيوان. وفي جميع ذلك تقريب لهذه العلوم من أذهان القارئ ومزجها بما ورد في الكتاب الكريم وروي عن سلف الأمة العاملين. والكتاب في ٤٢٦ صحيفة منصفة القطع