لم يكتب أحد من المتقدمين من علماء العرب وغيرهم في تاريخ هذه الحمة أو موقعها أو وصفها وصفاً علمياً مع ما لها من المكانة التاريخية والطبيعية كما أنه ليس للباحثين المتأخرين من الغربيين والسوريين مقال في هذا الباب يرجع إليه أو شرح يستند عليه.
ولقد كان بودي أن أقف على كلمة من هذا القبيل لتكون لي دليلاً في سبيل ما أريد تسطيره وحجة تؤيد ما أعلمه في هذا الموضوع وأروم تحبيره إلا أنني لم أجد كتاباً يذكر ما أردت وينبئ ما رمت فما وسعي إلا أن أعود إلى ما أعلمه عن هذه الحمة بالاختبار مجداً في تطبيقه على الفن الحديث ومستدلاً على تاريخه بما عثرت عليه فيها من الأبنية والآثار القديمة بقدر الإمكان.
مركزها الجغرافي_أبو رباح جبل من كورة حمص من عمل ناحية القريتين يبعد عن الأولى أربعين ميلاً إلى جهة الشرق وعن الثانية تسعة أميال إلى الشمال الغربي يشرف على ضيعة يقال لها الغنتر من أملاك عبد المجيد آغا سويدان مدير ناحية حسية (أيكي قبولي) الحالي ورئيس أسرة سويدان المعروفة ويحده من الشمال أراضي (الشومرية) وهي جبال قل فيها المنبسط ذات تربة جيدة وأرض خصبة منبتة وفيها بعض القرى المستحدثة وكانت من أملاك السلطان السابق ويسمونها الآن (الأملاك المدورة) ومن شماله أيضاً البلعاس وهي كورة من كور حمص فيها حرج من شجر البطم يبلغ طوله تسعين ميلاً من الغرب إلى الشرق ويحده من الشرق طريق القوافل بين الشام وتدمر ثم الجباة وهي مزرعة لنا ذات مياه وقد أوقع سيف الدولة فيها بقبائل البادية وذكرها المتنبي بقصيدة يمدح بها المشار إليه حيث قال:
ومروا بالجباة يضم فيها ... كلا الجيشين من نقع أزارا
ومن الجنوب الغنثر والجباة المار ذكرهما ومن الغرب الشومرية والفرقلس وهي قرية من الأملاك المدورة ذكرها ياقوت الحموي فقال أنها اسم مياه قرب سلمية بالشام والأصح أنها أقرب إلى حمص من سلمية.
مركزها الطبيعي_إن هذا الجبل بركان لا ثائر ولا منطفئ لأنه لو كان ثائراً لأهلك القرى المجاورة له وقضى على الأرواح والأجساد مما يقذفه من الحجارة والحمم ولو كان منطفئاً لما صعد منه البخار الذي يراه منه الناظر من مسافة بعيدة متفرقة في الجو. ومعلوم أن