من راجع تاريخ الأمة الأميركية وراقب نشوءها ونموها وسيرها السريع في مضمار العمران والفلاح ووقف على خدمها للجنس البشري لا يستغرب إذا قلت أن هذه هي أرض الميعاد وأن شعبها هو شعب الله المختار - شعب الله المختار لا ليأكل العسل ويشرب اللبن ويتمتع بالطيبات ويتنعم بالخيرات فقط بل شعب الله الذي اختاره ليحمل للعالمين نبراس الحرية والإنصاف وليمد يد الإخاء للبائس في كل قطر ويغيث المحتاج في كل مصر ولتكون بلاده ملجأ للمظلوم والتعس ويجد فيها طالب الحرية والاستقلال الشخصي والتقدم والارتقاء ما يؤهله لنيل مبتغاه. وليس معنى ذلك أن البلاد بلغت حد الكمال أو إنها حلت جميع مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية أو إنها استراحت من الأتعاب فألقت رأسها على مسند الرغد والنعيم وانقطعت عن الجد والعمل والتلذذ بالخيرات لأن البلاد الحية كالفرد الحي لا تطلب الراحة ولا ترتاح إلى الهدوء والسكينة بل تقوى بركوب الأهوال ومصارعة الصعاب.
لأمريكا مشاكل عديدة تظهر عسرة الحل لمن لا يعرف نشاط هذا الشعب وإقدامه كان الله عز جلاله يبتغي بقاء هذا الشعب فيقيم له من أبنائه رجالاً يدفعون عنه الأخطار كلما تهددت البلاد المشاكل وسطت عليا الأزمات. أرسل واشنطن القائد الباسل فحل بيده رقبة الأجنبي ثم لما وشكت البلاد أن تنقسم على نفسها بعث لنكن فبدد عوامل الانقسام وربط أجزاء البلاد بعضها ببعض حتى صارت كما كانت قبل حربها الأهلية تحت علم واحد تسعى إلى غاية واحدة وتدفعها إلى السعي نفس القوى والأمال.
فاليوم إذ تفاقم شر حربها الاقتصادية وبلغ اعتساف ملوك المال الحد الذي لا يطاق أقام الله بطل الأمة (تيودور روزفلت) ليدافع عم حقوق الشعب ويؤيد سلطة القانون ويعاقب المجرمين سواء كانوا من أرباب الملايين أو من الذين دأبهم السعي لهدى أركان المجتمع الإنساني الحاملين الراية الحمراء لا يحترمون الشرائع ولا يعبئون بنظام الهيئة الاجتماعية.
إن سياسة هذا الباسل منذ ابتداء في معاركة المسائل الاجتماعية ومحاربة الاختلال والفساد في الأحكام يتضمنها قوله:(إن حريتي لا تعرف أخاً).