كل من طالع كتاب الأغاني وبعض كتب الأدب القديمة التي تذكر بالغناء وأنواعه وآلات الطرب وملاهيه يقع على ألفاظ علمية اصطلاحية إذ نقر عنها في دواوينه اللغة ومعاجمها المطولة لا يرجع عنها إلا ما رجع بها حنين. ولقد حاول المستشرقون غير مرة البحث عنها في الكتب الأدبية التي ألفت في الصدور في الصدر الأول من زهو اللغة فلم يعثروا على ضالتهم كما لم يعثر عليها أدباء الشرق وعلماؤه. وقد وفق العاجز في هذه الآونة إلى وجود الضالة نبهاً في كتاب مخطوط كنت قد وصفته في المقتبس ٢٨٢٤٢_٣٨٦ وعنوان البحث في كتابنا المذكور هو: العود ومصطلحاته وها نحن أولاء ننقل إلى الأدباء قراء المقتبس الأغر ما جاء من البحث تعميماً للفائدة ونتشاً لشوكة الجهل الناشبة في أذهاننا من هذا القبيل. قال صاحب الكتاب: العود ومصطلحاته في الصفحة ٢٢١ من المخطوط وما يليها:
كثيراً ما كنت أطالع في كتاب الأغاني ألفاظاً في مصطلح الغناء وما كنت أتوصل إلى فهمها حتى ظفرت أخيراً برسالة لعبد القادر بن غيبي الحافظ المراغي المشهور بعلم الألحان فأخذت عنه ما يتعلق بفتح مغلق الكلام الخاص بهذا العلم فأقول:
اعلم أن الألفاظ الواردة في كتاب الأغاني تتعلق كلها بالعود العربي فإذا علمت أن تركيب هذه الآلة هان عليك فهم ما أشكل عليك من مصطلحها فهذه الآلة طولها مثل عرضها مرة ونصفاً وغورها كنصف عرضها وعنقها كربع طولها في الراحة وثخن الورقة من خشب خفيف ووجهاً أصلب وتمد عليه أربعة أوتار أغلظها البم بحيث يكون غلظه مثل المثلث الذي يليه مرة وثلثاً. والمثلث إلى المثنى كذلك. والمثلث مثل الزير كذلك وقد ضبطوها بطاقات الحرير فقالوا:
يجب أن يكون البم أربعاً وستين طاقةً. والمثلث ثمانية وأربعين والمثنى ستاً وثلاثين. والزير سبعة وعشرين. ويجعل رؤوسها من جهة العنق في ملاوٍ والأخرى كمشط فتتساوى أطوالها. ثم يقسم الورق أربعة أقسام طولاً ويشد على ثلاثة أرباعه مما يلي العنق وهذا دستان الخنصر. ثم ينقسم الآخر تسعة ويشد على تسعة مما يلي العنق وهذا دستان السبابة. ثم يقسم ما تحت دستان السبابة إلى المشط أتساعاً متساوية ويشد على التسع مما يلي المشط ويسمى دستان البنصر فيقع دون دستان الخنصر مما يلي دستان السبابة. ثم يقسم الوتر من