[تخميس قصيدة الوزير أحمد بن زيدون وهي التي]
[كتب بها إلى ولادة بنت المستكفي بالله في قرطبة]
كانت أشعتكم تجلو دياجينا ... وقربكم عن شؤون الدهر يسلينا
فبعد ما لعبت خمر الهوى فينا ... أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
أمسى لنا الغم إلفاً لا يبارحنا ... والأنس صار عدواً لا يصالحنا
يا من خبت في تنائيهم مصابحنا ... بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
لئن تكن حجبت عنكم نواظرنا ... فما خلت ساعة منكم سرائرنا
وإذ تحن إلى النجوى خواطرنا ... يكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حب قديم به أرواحنا اتحدت ... وجمرة للتلاقي طالما اتقدت
حتى إذا باللقا نار الجوى بردت ... حالت لبعدكم أيامنا فغدت
سوداً وكانت بكم بيضا ليالينا
لم ندر يوم سعدنا في تعرفنا ... أن الشقاء وراء السعد قد دفنا
آها على زمن بالحظ مسعفنا ... إذ جانب العيش طلق من تألفنا
ومورد اللهو صافٍ من تصافينا
هل نرتجي زورة للنفس شافيةً ... وهل تعود لنا الأيام صافية
قد كان إذ كانت الأقدار راضية ... وإذ هصرنا غصون الأنس دانية
قطوفها فجنينا منه ماشينا
لله ساعات أنس عندما التأم ... شمل الهناء بكم والوجد مانأما
سقيتمونا بماء اللطف ريَّ ظما ... ليسق عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
الدهر جرَّ علينا في رواحهم ... ذيول ذل فهل هم بانشراحهم
لم يعلموا ما دهانا من براحهم ... من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم